دول القانون

TT

نبأ عاجل: محكمة خاصة تفرج عن الزعيم الباكستاني السابق برويز مشرف! هل تقرأ الأنباء العاجلة من باكستان؟ الأفضل أن تنتظر قراءة الأنباء البطيئة: غدا قد لا يكون عودة مشرف إلى الحكم. أو إلى المنفى. أو إلى السجن 11 عاما ثم يصبح رئيسا للجمهورية مثل الرئيس الحالي آصف علي زرداري.

تتساوى الأشياء في دولة باكستان. نواز شريف من جديد رئيسا للوزراء بعد الإقامة الجبرية والمنفى، ولكن لا شيء مضمون في البلاد. أصر ضياء الحق على إعدام ذو الفقار علي بوتو ثم قتل هو وجنرالاته في انفجار طائرة الرئاسة. وقتلت بي نظير بوتو بعد عودتها في آخر رحلة من التنقل بين الحكم والسجن واتهامها باغتيال أحد شقيقيها. الشقيق الآخر قتل في ظروف أكثر غموضا.

لا يمكنك أن تعرف من مع من في باكستان، ولا لماذا، ولا إلى متى. في أميركا ينسحب مرشح من معركة الرئاسة عندما يكشف أنه غش في امتحانات الثانوية العامة. في باكستان يفوز الرئيس بأكثرية جاهزة بعد 11 عاما سجنا وإدانات وأحكام. لذلك أنا لا أعلق أهمية كبرى على الأخبار العاجلة من هناك، وأفضل انتظار الأخبار البطيئة. أفعل ذلك منذ عقود ولم أخطئ الحساب مرة واحدة.

قبل أشهر التقيت الجنرال مشرف في بهو أحد فنادق نيويورك. سلام وبضع كلمات قال فيها إنه عائد إلى بلاده لخوض الغمار السياسي. انصرفت إلى مقعدي وأنا أتساءل: كيف يعود حاكم سابق إلى باكستان بعد الذي حدث لبي نظير بوتو؟ ثم قلت، دائما في نفسي، إنه لعله دبر المسألة مع الجيش بصفته عسكريا سابقا. وربما هو أيضا، هنا في أميركا، لتدبير عقد مع الأميركيين. وإذا بنا نقرأ خبرا عاجلا أن مشرف اعتقل إثر عودته وكأنه جندي مسرَّح أو هارب من الجندية، وليس جنرالا ولا حاكما سابقا. لماذا اعتقلته محكمة صغيرة وأفرجت عنه محكمة أصغر؟

في دولة حريصة على القانون مثل باكستان تبتُّ «المحكمة العليا» عادة في هذه القضايا، خصوصا أن لها تاريخا من الاشتباك الدستوري وفك الاشتباك مع مشرف نفسه. لا ندري هذه المرة لماذا المحكمة غير عليا؟ لكننا سوف نظل نتابع أخبار الممارسة الديمقراطية والقانونية في باكستان.. كأن تقول: «دول القانون» في العراق.