السقوط إلى الهاوية

TT

السقوط المدوي العنيف لزعيم ميليشيا حزب الله حسن نصر الله من قمة الزعامة والمجد والحضور الهائل في قلوب الملايين بالشارع العربي كبطل للمقاومة ورمز لها، وكانت خطاباته تتابع على شاشات التلفزيون حين بثها وصوره توزع وتعلق مثل نجوم المشاهير من الرياضيين والفنانين، هذا السقوط يؤكد أن ما بني على باطل فهو باطل ويبقى باطلا.

انكشف زيف حسن نصر الله وبطلان مواقفه «المبادئية» التي كان يطبل لها ويدعم بقوة الربيع العربي وثوراته في تونس ومصر وليبيا واليمن، وخطبه وتصريحاته لا تزال موجودة كدليل إثبات على ذلك، إلا أن وصول الربيع العربي وبقوة إلى سوريا كشف زيف ونفاق وازدواجية مبادئ الرجل حيال ثورات الشعوب، ورأسا اعتبر ذلك تدخلا خارجيا ومؤامرة دولية لإسقاط دولة الممانعة والمقاومة (الأسد ممانعة ومقاومة؟! أعتقد أن بشار الأسد نفسه غير مقتنع بذلك!). وتحول حسن نصر الله إلى البوق الإعلامي للدفاع عن الأسد ونظامه والتشكيك في الثورة السورية، وكان يقول كل ذلك الهراء وسط أرتال قتلى الشعب السوري الذين يقتلون يوميا بدم بارد على أيدي نظام مجرم.

وبدأت جماهير العرب تشك في مصداقية الرجل وجدارته، وبدأت الأخبار تتواتر وبقوة عن قيامه بإرسال قوات من ميليشيا حزب الله للقتال مع جيش النظام في بعض المناطق السورية، واعتقد الناس أن هذه المسألة فيها مبالغات، ثم قام الرجل بالإعلان عن ذلك صراحة ولكن كان يقدم أكاذيب لتبرير موقفه وكلها قصص متناقضة، فتارة قال إن قواته أرسلت لحراسة مقام السيدة زينب رضي الله عنها، وتارة يقول إن قواته أرسلت لحراسة قرى شيعية في سوريا، وتارة يقول إن قواته أرسلت لقتال التكفيريين لحماية خط المقاومة.

واقع الأمر أن حسن نصر الله هو جزء من مخطط «شربناه» كمقلب، مخطط إيراني له علاقة بالاستيلاء السياسي على جيوب ومناطق في العالم العربي والإسلامي لإرساء ولاية الفقيه، تلك البدعة الخزعبلاتية التي لها ظاهر «انتخابات ديمقراطية» بينما هي استعباد واستبداد مطلق على شعوب لا حول لها ولا قوة.

ولأجل تكريس شعبية أيقونة المشروع كان لا بد من أيقونة عربية تقوم بذلك الدور، وكان الاختيار على حسن نصر الله ومنحه فرصة دور مقاوم ضد إسرائيل، ولكن هذه المقاومة يجب أن تبقى قائمة حتى لو أعادت إسرائيل كل الأراضي، وهو ما تم وعليه «منح» حق المطالبة بمزارع شبعا على الرغم من أنها أراضٍ سورية مائة في المائة، وكانت مطالبته لفترة ثم سكت عنها وتوجه بسلاحه إلى الداخل ومن ثم الآن إلى سوريا، لأن بقاء الأسد أهم من القدس وشبعا في مشروع إيران وحسن نصر الله.

في علم الإدارة وعلم الاجتماعيات تدرس حالات السقوط من المجد مثل مايكل جاكسون وريتشارد نيكسون وبيل كلينتون وغيرهم من الرموز التي سقطت في أوحال الفضائح وانكشفت شخصياتهم لزلات بينت معدنهم وحقيقة طباعهم، وتبخرت شعبيتهم واختفى الاحترام الذي كان في قلوب الناس لهم. وهذا ما حدث لحسن نصر الله الذي تحول اليوم إلى وجه إرهابي إجرامي قاتل تكفيري منافق مزدوج المواقف، دمر نعمة محبة الناس له بنصره للظالم على المظلوم. فليدفع الثمن وليتحمل التكلفة وليستحق ما يأتي عليه من دعاء الناس وسخطهم. إنه السقوط المدمر إلى الهاوية السحيقة!