هل انتهى حكم الجماعة لمصر؟

TT

واقع مؤلم نهارا، وكوابيس بالليل، وقارئ في انتظار أن نكتب له ما يفيده ويمتعه.. يا لقسوة الأيام في وقت من العمر نستحق فيه راحة البال. الأحداث أسرع بكثير من أقلامنا، غير أني أحاول الإفلات من التفاصيل والذهاب مباشرة لمعنى ما يحدث، المعنى الذي وصلت إليه هو أن حكم جماعة الإخوان لمصر انتهى بعد عام واحد حافل بالفشل وأكثر من 80 عاما من التدبير للوصول إلى الحكم. كانت فترة قصيرة وطويلة من الحكم الأجنبي، وأجنبية هذا الحكم ليست راجعة إلى أنه تابع لبلد أجنبي، بل لأنه يعتنق أفكارا ويستخدم وسائل غريبة عن هذا العصر. وبعد أيام، وربما لحظات، سيكتشف المصريون أنهم لم يتسلموا أرض مصر خالصة، بل مليئة بالألغام. فهناك حكم أجنبي يترك لنا كتابا في وصف مصر، وآخر يترك في أفئدتنا جرثومة الديمقراطية، أما ما أخشاه فهو أن نكتشف أن الموقع الذي استعدناه قد جرى تسميم آباره، وأن القتال الحقيقي لم يبدأ بعد. في يومين فقط قُبض على عدد من السيارات والأشخاص معهم كميات من الأسلحة والذخائر والقنابل اليدوية، ثم جرى القبض في منطقة البساتين على شخص يقوم بصناعة قنابل بدائية؛ بارود ومسامير، وقد قُبض عليه بعد حدوث انفجار داخل البيت نتيجة لخطأ أثناء صنع القنابل. أريدك أن تتخيل ماذا كان من الممكن أن تحدثه قنبلة واحدة من هذا النوع في البشر المحتشدين في ميدان التحرير أو في أي ميدان آخر.

أشعر بالألم مما حدث في العام الماضي، ولكني أشعر بالخوف مما سيحدث، فالتنظيمات السياسية في الحكم وخارجه تجيد التقدم والتوقف والانسحاب، ثم الإعداد لجولات أخرى بعد دراسة أسباب الخسارة واستيعابها. أما التنظيمات الدينية والآيديولوجية، فهي تعرف نوعين فقط من الانفعالات؛ الفرحة والغضب. الفرحة التي ربما تصل إلى الهستيريا عند الوصول إلى الحكم، وهي تلك الفرحة التي تولّد في النفس قدرا من الثقة عبّر عنه المصريون بقولهم «يا أرض اتهدي.. ما عليك قدي» والغضب عندما ترغم على الانسحاب منه. وهو ليس ذلك الغضب العادي الذي يصيبنا جميعا، بل هو ذلك النوع الأسود من الغضب الذي يتحول إلى رغبات انتقامية ملتهبة. في حالات العجز الذي يقويه الجهل، تحدث للجموع عملية «إحالة» للانفعالات، بحيث يلقون بمسؤولية فقرهم وعجزهم على آخرين، ربما نكون قد شعرنا بالملل من كراهية الإمبريالية العالمية، في هذه الحالة - على سبيل التغيير - ربما نصب جام غضبنا وإحباطنا على جماعة الإخوان. هذه هي الحرب التي أخشاها، والتي ستحدث حتما في غياب قيادة سياسية تؤمن بالمصالحة بين كل الفرقاء. وهي المصالحة التي يجب أن تكون مبنية على الإيمان بحقوق الإنسان الفرد، وأنه حجر الزاوية في بناء الوطن، وهو ما يحتم وجود دستور حقيقي وقوانين نزيهة وتشكيلات سياسية وزعماء لا شأن لهم بلعبة النجومية.