الحديث إلى رئيس إيران الجديد بحذر

TT

لقد ولد انتخاب حسن روحاني رئيسا جديدا لإيران شعورا بأن ثمة احتمالات جديدة لتحقيق إيران تقدما في ما يتعلق بالملف النووي. لقد سمح المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، لروحاني بالفوز في الانتخابات مدركا أنه قد عارض السياسات الإيرانية الحالية التي عزلت الدولة وتسببت في أن يفرض عليها الغرب عقوبات مدمرة على المستوى الاقتصادي. لكن ليس من الواضح سبب سماح خامنئي بمثل تلك النتيجة، وفي ما يلي بعض النظريات التي اقترحت:

يعتقد أن انتخاب روحاني ربما يوفر صمام أمان لحالة السخط الشديد داخل إيران.

يرى أن روحاني، وهو رئيس ذو مظهر معتدل، قد يكون قادرا على السعي إلى اتفاق غير محدد المدة حول برنامج إيران النووي الذي من شأنه أن يقلل التوترات ويخفف العقوبات الآن، فيما يترك لإيران مساحة لتطوير أسلحة نووية في وقت ما في المستقبل.

إنه يرى أن روحاني قد يكون قادرا على إطلاق محادثات من شأنها أن تعمل كمجرد غطاء، فيما تواصل إيران برنامجها النووي.

إنه يرغب في إعادة التوازن لعلاقة السلطة بين الفصائل الحاكمة في إيران، ورأب الصدع بينهم، مع استعادة الثقل النسبي لرجال الدين في مواجهة الحرس الثوري. إن روحاني نفسه رجل دين، لكنه أيضا مصلح محتمل ربما يمثل جسرا بين رجال الدين المتشددين والقوى الأكثر براغماتية.

ولا يعني أي من هذا أنه ستكون هناك صفقة نووية. فحتى إذا ما منح روحاني سلطة التفاوض، فسوف يتعين على روحاني طرح صفقة يمكن أن يقبلها المرشد الأعلى. ومن ثم، فمن السابق لأوانه جدا التفكير في التراجع عن العقوبات كنوع من الترحيب بروحاني. بل علينا أن نضع في اعتبارنا أن ضغط العالم الخارجي على إيران من أجل تغيير المسار في ما يتعلق ببرنامجها النووي ربما يكون قد قاد إلى انتخابه. ومن ثم، سيكون من الحماقة التفكير في أن رفع الضغط الآن سوف يحسن الفرص التي قد تتاح له ليوفر لنا ما نحتاجه: اتفاق أو خطوات إيرانية معقولة موثوق بها باتجاه اتفاق، يمكن في ظله أن تذعن إيران لالتزاماتها الدولية على الصعيد النووي. إن بيت القصيد هو أنه يتعين على إيران أن تكون على استعداد لتغيير برنامجها، بحيث لا تملك إمكانية مفاجئة لتصنيع أسلحة نووية.

يتمثل السؤال الحقيقي الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا في ما إذا كان يتعين علينا تغيير أسلوبنا حيال الدبلوماسية مع إيران، بعد أن أعلن رئيس إيراني جديد عن رغباته في إنهاء عزلة إيران والعقوبات المفروضة عليها، ومداواة «الجرح» الذي ذكر أنه قائم بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية.

حتى الآن، اتبعنا نهج بناء ثقة يعتمد على اتخاذ خطوة تلو الأخرى في إطار المفاوضات متعددة الأطراف مع إيران، لكنهم ربما يكونون قد انتهجوا أسلوبهم الخاص. في واقع الأمر، فيما تفاوض جانبنا (الولايات المتحدة والصين وروسيا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا) مع إيران خلال الأعوام الماضية من دون الوصول إلى نتائج، كان الإيرانيون يزيدون بشكل هائل أعداد أجهزة الطرد المركزي التي قاموا بنصبها من أجل تخصيب اليورانيوم. إنهم يملكون الآن قرابة 17 ألف جهاز ونجحوا في الترقي إلى جيل جديد من أجهزة طرد مركزي أكثر فاعلية.

لقد قلصت تلك التطورات الوقت المتاح لنا لضمان أن الإيرانيين لا يمكنهم أن يباغتوا العالم بأمر واقع ممثل في إمكانية تصنيع أسلحة نووية. ومن ثم، ربما يتوافر لنا الوقت للمساعي الدبلوماسية، لكنها لن تكون فترة طويلة.

ينبغي أن نتحول الآن إلى تقديم مقترح نهائي - مقترح يركز على النتيجة التي يمكن أن نقبلها نحن، الولايات المتحدة الأميركية، بشأن الملف النووي الإيراني. وعلينا أن نفعل هذا حتى وإن لم يكن شركاؤنا في التفاوض - وعلى وجه الخصوص الروس - على استعداد لقبول مثل تلك الخطوة، نظرا لأن الوقت يداهمنا. علينا أن نمنح روحاني فرصة للإنتاج، لكن ينبغي ألا تكون الروزنامة مفتوحة.

عادة ما تتلخص المساعي الدبلوماسية في عنصرين بسيطين هما: التقليل من مبررات التقاعس عن اتخاذ إجراءات وتقديم تفسيرات لاتفاق يمكن إبرامه. في ما يتعلق بالنقطة الأولى، يقول الإيرانيون إنهم لا يعلمون ما سوف نقبله في نهاية المطاف. ينبغي أن تتمثل الإجابة في أن بإمكاننا قبول فكرة امتلاك إيران قوة نووية مدنية، لكن مع القيود التي من شأنها جعل خطوات إنتاج الأسلحة النووية صعبة، إضافة إلى إمكانية اكتشافها بسرعة. ينبغي أن يكون عرضنا مقبولا على المستوى الدولي؛ إذا لم تكن إيران مستعدة للموافقة عليه، فسيكون الإيرانيون معرضين للخطر بسبب عدم استعدادهم لقبول ما يزعمون أنهم يرغبون فيه. في حقيقة الأمر، إذا قدمنا مقترحا معقولا يسمح للإيرانيين بامتلاك قوة نووية مدنية محكومة بقيود، فقد يسمح لهم ذلك بحفظ ماء وجوههم: بإمكانهم القول إن المقترح هو ما سعوا إليه دائما، وإنه قد تم الاعتراف بحقوقهم.

وهذا لا يعني أنه يمكن تبني هذا المقترح النهائي من دون مخاطر. ربما لا يرغب الروس، على وجه التحديد، في اتضاح الموقف. قد يخشون من أن يعني نهاية للدبلوماسية نظرا لأن الإيرانيين، برفضهم هذا المقترح، سوف يشيرون إلى أن هدفهم الحقيقي هو امتلاك أسلحة نووية وليس مجرد قوة نووية مدنية. وهذا من شأنه أن يترك استخدام القوة كبديل وحيد. ربما يفضل الروس النهج الذي يعتمد على اتخاذ خطوة تلو الأخرى والذي يحافظ على استمرارية الجهود الدبلوماسية - حتى من دون نتائج.

لكي نكون موقنين، فإنه إذا ما كان الإيرانيون مستعدين لتعليق المزيد من التطويرات لبنيتهم التحتية النووية مع استمرار الجهود الدبلوماسية، فسيكون ذلك نهجا مقبولا ولن يكون الوقت له أهمية. غير أن روحاني قد نفى علانية احتمال حدوث ذلك، قائلا إنه تمت تجربته من قبل، ولكن في حقبة مختلفة. من ثم، فإنه في هذه المرة سيكون الإيرانيون هم من يجبرون على إغلاق نافذة الدبلوماسية.

ربما يحاول روحاني فتح نافذة جديدة. لكن يتوجب علينا أن نكون رقباء على أنفسنا. ينبغي أن تكون هذه نافذة من أجل توضيح ما هو متاح واختبار النتائج، وليس للمشاركة في مواصلة المحادثة لمصلحتهم. إن الحفاظ على نهج متعدد الأطراف يعتمد على اتخاذ خطوة تلو الأخرى والذي قد أثبت نفعه، أو السماح للروس في تلك المرحلة بتقرير النهج الذي سنتبعه - لا سيما في وقت يبدو فيه الروس في تنافس مع الولايات المتحدة بدرجة تفوق تعاونهم معها - ليس حلا يخول لنا أن نتحقق من وجود نافذة وأن نعمل وفقا لها.

إذا رغبنا في نجاح الدبلوماسية، يتعين على الولايات المتحدة أن تكتشف الآن ما إذا كان بإمكانها وما إذا كان يتعين عليها أن تفعل ذلك في ما يتعلق بمبادرتها الخاصة.

* دينيس روس مستشار بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى وكان كبير مفاوضي الولايات المتحدة في الصراع العربي الإسرائيلي في الفترة من 1993 حتى 2001 ومساعدا خاصا للرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وجنوب آسيا في الفترة من 2009 إلى 2011