حدث في خيمة في الميدان

TT

نائب مرشد جماعة الإخوان المصرية، الدكتور رشاد بيومي في حواره مع جريدة «الشروق» (29 يونيو/ حزيران 2013) تكلم عن النشاط المعادي للجماعة، وأن هناك مؤامرة تشارك فيها إسرائيل وأميركا أيضا، وعندما سأله المحرر، هل تشارك أميركا أيضا في هذه المؤامرة؟

أجاب: يااااه... بكل قواها طبعا... والأموال التي تدفعها ليست قليلة.

ثم ذكر واقعة يدلل بها على ما يقول «حضر اثنان من إخوان البحيرة منذ فترة لقضاء مصلحة قريبة من ميدان التحرير، ولأن ظروفهما لا تمكنهما من المبيت في فندق، مرا على الميدان ووجدا خيمة فارغة فجلسا فيها، وفوجئا بأن جاء لهما عشاء ومياه غازية وخلافه (؟) وحصل كل واحد منهما على مائتي جنيه».

والسؤال هو إذا كان العقل البشري بفعل الإجهاد العصبي أو احتقار الآخرين، قادرا على اختراع هذه الحكاية، فهل يوجد على الأرض من هو قابل لتصديقها؟ أعتقد أن هذه الحكاية تلخص مشكلة الحكم في مصر، وهي اختفاء عنصر النقد في منهج التفكير، ما يجعل من التفكير نفسه أداة عاجزة عن التواصل مع الناس، ثم الركون في نهاية الأمر إلى أن الناس بلهاء سيصدقون ما نقوله لهم بشرط أن يتسم بالبلاهة.

أخذت أعيد ترتيب عناصر الحكاية لكي تتسم بالمعقولية؛ عبده وعبود فلاحان من المحلة الكبرى يمران في الميدان، صوت سيدة شعرها أصفر وترتدي بنطلون جينز وبلوزة زرقاء تبتسم لهما من بعيد وهي تقول بصوت مرتفع: welcome.

عبده يعرف معنى الكلمة لأنه حاصل على الإعدادية فقال لعبود: تعالى.. الست دي بتقول اتفضلوا.. ودخلا الخيمة، واتضح أن السيدة تجيد اللغة العربية، طلبت منهما أن يدخلا الحمام الملحق بالخيمة، وعندما خرجا وجدا ملابسهما مغسولة ومكوية. قالت السيدة: إحنا يا خبيبي بنراقبكم بالقمر الصناعي من ساعة ما خرجتوا من المحلة.. وعارفين إنكم مش لاقيين حتة تناموا فيها، حا تنامو هنا، بس بعد ما تتعشوا و(خلافه).. وجاء الهوت دوغ الساخن وساندوتشات الهمبورغر.. أما أسعد لحظاتهما فكانت بعد العشاء وهي مرحلة (وخلافه).. وفي الصباح وجدا سيدة أخرى، أيقظتهما وقالت لهما: تفطروا إيه؟.. فول لأ.. طعمية لأ.. هذه الخيمة تعتبر أرضا أميركية، ممنوع تقديم أطعمة تابعة لحضارات أخرى.. حاتفطروا وجبة الفطار التقليدية بتاعة ماكدونالدز.

وافقا على الفور، وهمس عبود لعبده: سيبها تجيب اللي عاوزاه.. بعد ما ناكل، نروح نفطر فول وطعمية عند أبو ظريفة.

غير أن عبده على الرغم من درجة تعليمه المتواضعة، كان يشعر بالقلق، لأنه يعرف أن كل ما يحصل عليه الإنسان له ثمن لا بد من دفعه، ماذا يريد منهم هؤلاء الأميركان ثمنا لموجة الكرم هذه خاصة أن شخصا جاء بعد لحظات أعطى كلا منهما 200 جنيه، فسأله عبود: إيه.. ما عندكوش دولارات؟

فرد الرجل: عندنا.. لكن الدولارات من الممكن أن تثير الشبهات ضدكم.. الفلوس المصري لن تثير شبهات أحد، لا قيمة لها.

وهنا سأله عبده: بس حضراتكم عاملتونا بالكرم ده كله ليه؟

ورد الرجل في بساطة: أبدا.. أصلنا عاملين مؤامرة عليكم وعلى مصر وعلى حكومة جماعة الإخوان.

فقال عبود وهو يتنهد في ارتياح: الحمد لله.. طب مش تقول كده من الأول..