«الرجل الذي فقد ظله»

TT

هل لاحظتم شيئا غريبا؟ الناس تسأل أين محمد مرسي وأين السيد خيرت.. وأين.. وأين؟ ولم يخطر لأحد أن يطرح، ولو من قبيل رفع العتب، أين هشام قنديل؟ يجب أن يكون الرجل سعيدا في سره. لا ذكر له في الحكم ولا في العزل. كأنه لم يكن رئيسا لوزراء مصر طوال عام كامل كلف خلاله أكثر المهام شقاء: الماء والكهرباء والولاء.

لم يأت أحد على ذكر الدكتور قنديل. لا أين هو ولا ماذا يفعل. وحتى عندما قيل إن الدكتور حازم الببلاوي صار رئيسا للوزراء، لم يقل أحد خلفا لمن. محنة لا يحسد عليها الرجل.. أن يؤتى به رئيسا لحكومة بلا صلاحيات وبلا أفق، ينهار تحتها الاقتصاد ويضيع الأمن وتغيب الماء والكهرباء ومعهما السولار.

ولكن ماذا كنت فعلت سيادتك لو كنت مكانه وعرض عليك أن تصبح رئيس وزراء مصر؟ هل كنت ترفض هذا المدخل إلى التاريخ؟ دعني أجب وفي سرعة: كنت فعلت ما فعله زياد بهاء الدين. كنت قلت (لنفسي أولا) أنت شاب مليء بالكفاءة، لكن المنصب يتطلب أيضا صورة أبوية للمصريين في هذه الظروف. سوف يطمئنون لوجود عالم أشيب في مقصورة القيادة، وسوف يطمئنون أكثر عندما يجدون معاونه شابا دون الخمسين. عندما اتصل محمد البرادعي بزياد بهاء الدين مفاتحا في رئاسة الحكومة، لم يقبل فورا. قال دعوني أفكر. التفكير قبل أي شيء يا دكتور هشام. قبل شجاعة الشجعان. هو أولا.

لو عرض الدكتور مرسي عليك مرة ثانية، قل لنفسك: لماذا اختارني هذا الرجل لأكون أول رئيس وزراء عنده؟ الشبهة واضحة. رجل بلا ألق يخاف أن يذوب في أي ظل. لو كان أكثر خبرة وثقة في النفس لاختار رجلا يكبر في ظله. لكان انتقى رجلا كفيا عالما لشؤون مصر وله فيها منجزات، مثل كمال الجنزوري. كان أحرى أن تسأل نفسك: لماذا يريد مرسي موظفا في الرئاسة وليس رئيسا على الحكومة؟

جئت وذهبت ولم تحفظ مصر اسمك بعد. كان هذا مقلبا واضحا، من جملة مقالب مرسي على نفسه. اختار الشطارة بدل الحكمة. اعتقد أن الشرعية كلمة تكرر في الآذان، وأن الحكومات تشكل لكي ترمى من النافذة عند الاضطرار.

لم يشاهد أحد الدكتور قنديل، خلف النافذة أو أمامها. حكاية محزنة حقا. الرجل المفترض أنه الثاني في الحكم، لا يستحق حتى الاعتقال. ولو، على الأقل للمظاهر، شوية اعتبار وكرامة ويافطة في رابعة العدوية. أصر الدكتور مرسي على رجل بلا ظل. وعند الحاجة بحث عنه ولم يجده. لقد فقد ظله. بإذن من فتحي غانم.