أوباما ومسألة العرق

TT

ينبغي أن نتحدث بصدق عن المسائل العرقية التي لم يبت فيها، مثل تلك التي كشفت قضية ترايفون مارتن النقاب عنها، غير أن الرئيس باراك أوباما ليس أفضل شخص يمكنه ترأس المناقشة. وعلى الرغم من أن الخطأ ليس خطأه، فإنه قد يكون الأسوأ.

إن الحاجة لما يطلق عليه الدبلوماسيون «تبادل كامل وصريح للآراء» واضحة. كثير من الأميركيين لا يوافقون حتى على أن ثمة مسائل عرقية لم يبت فيها، ناهيك عن أنها لعبت دورا في براءة جورج زيمرمان. يبدو الأمر كما لو أن بعضنا يعيش على أسطح كواكب مختلفة.

أجد من المستحيل تخيل أن النتيجة ستكون مماثلة لو قلبت أدوار الأبطال – لو كان زيمرمان ضحية ومارتن متهما. وعلى الرغم من ذلك، فإنني أعلم أن كثيرا من الأشخاص يرون أن المراهق الأميركي ذا الأصل الأفريقي الذي يرتدي معطفا بقلنسوة كان ليمنح ميزة الشك نفسها التي منحت لقاتله. أعلم أيضا أن معتقدات المرء بشأن العرق والتفرقة العنصرية تنزع إلى الارتباط بدرجة كبيرة بخبرة الشخص عن العرق والتفرقة العنصرية.

إن ما نفعله الآن، بأسلوب أخرق وغير مريح، هو الحديث عن تلك المعتقدات والخبرات – التباهي بها في واقع الأمر. على أي حال، يبدو أن هذه هي الطريقة التي نجري بها «المحادثات الوطنية حول العرق» والتي دائما ما يوصي بها ذوو التفكير العميق.

لكن كيف تجدي هذه الطريقة نفعا: شيء يحدث ليجعل موضوع العرق أمرا حتميا لا سبيل لاجتنابه. إننا نراقب مواقعنا. جميعنا ينزعج ونبدأ في الشعور بخيبة الأمل. وتدريجيا، نفقد التركيز، ويتلاشى الحوار. لا أحد يعتقد أننا قد حققنا أي تقدم. عادة ما نكون قد حققناه بالفعل، مع أن العملية ربما لا تكون مؤكدة لبعض الوقت.

قد يكون من الأفضل لو احتشدنا جميعا في مكتبات عامة في يوم معين وسرنا عبر برنامج عمل: فحص «إرث العبودية». فحص «التمييز العنصري لجيم كرو»، وفحص «إجراء تأكيدي».

يبدو مملا جدا بالنسبة لي أن أقول الحقيقة. وفي حالتي، لن يحدث ذلك مطلقا. بالنسبة للأشخاص الذين يرغبون في الحديث عن العرق، ثمة منافذ ومواقع ومنتديات عدة – أكثر بكثير من ذي قبل، في واقع الأمر، مع صعود مواقع التواصل الاجتماعي. لكن هؤلاء الذين يفضلون تجنب الموضوع ليس من المحتمل أن تجذبهم الجدية.

وتشير الأدلة إلى أنهم لم يستجيبوا بشكل جيد، تجاه ملاحظات وخطاب أول رئيس أميركي أفريقي، لدى حديثه عن العرق. ليست هذه هي الطريقة التي يجب أن تكون عليها الأمور أو الطريقة التي أرغب في أن تكون عليها، ولكنها حقيقة الأمور الفعلية. يشير السجل إلى أن كثيرا من الناس ينظرون إلى الحديث الصادق من جانب أوباما عن العرق باعتباره تهديديا. أتى مثال كلاسيكي قبل أشهر خلال فترة رئاسته الأولى، حينما حدثت مواجهة غير سارة بين ضابط شرطة أبيض في كمبريدج بماساتشوستس وهنري لويس غيتس جونيور، الأستاذ بجامعة هارفارد، وهو من السود، وانتهت باعتقال الأستاذ الشهير.

متحدثا بشكل ارتجالي في مؤتمر صحافي، أشار أوباما إلى أن الضابط قد «تصرف بغباء». وبدت الملحوظة بريئة بالنسبة لي، مجرد عرض لحقيقة. ربما كانت نقطة انطلاق لفحص دقيق حول ما يحدث حينما يتداخل العرق مع الطبقة الاجتماعية. لكن أوباما أثار موجة من الغضب والغضب المضاد إلى درجة أنه دعا الرجلين إلى البيت الأبيض لأخذ صورة استعراضية لـ«قمة بيرة» كوسيلة لتهدئة الجميع.

بالمثل، أثارت عبارة أوباما «لو كان لدي ابن، لكان سيشبه ترايفون» اتهامات بأن الرئيس يتحيز بشكل غير عادل في قضية جنائية. كانت عبارته عقب حكم يوم السبت تحمل تأثيرا مهدئا وعرضة للنسيان. قد يكون ذلك من أجل الأفضل.

إن لقب «أول أسود» دائما ما يحمل معه أعباء غير عادلة، ويتمثل أحد أعباء أوباما (في الوقت الذي يحمل فيه الكثير) في أن كل ما يقوله عن الأعراق سينظر إليه على أنه تحيز للأميركيين السود ضد البيض.

في هذه المرحلة من رئاسته، بإمكان أوباما أن يتجاهل هذا الواقع السخيف وأن يقول ما يريده. ينبغي أن يكون قد جرى إغراؤه بقوة. لكن الحقيقة هذه المرة هي أنه إذا كان هدفه هو ترويج الحوار حول العرق، فسيأتي تعبيره عن رأيه بصورة مباشرة بنتيجة عكسية. إن أوباما يتخذ المزيد من الإجراءات لتغيير الاتجاهات العرقية وتحدي التعصب والتحيز بأداء مهامه كرئيس للدولة وقائد للقوات المسلحة. لن يكون لعشرات الخطب عن الصراع الطويل من أجل المساواة بين الأعراق والعدالة تأثير صورة واحدة لأسرته – أول أسرة رئيس أميركي من أصل أفريقي – تسير عبر مروج البيت الأبيض في فخر واعتزاز.

* خدمة «واشنطن بوست»