مبارك ومرسي يطلان على المشهد!!

TT

مصر هي الدولة الوحيدة في العالم التي سجنت اثنين من رؤسائها ليلتقيا في سجن «طره»، مبارك قبل نحو عامين ومرسي الذي صدر بحقه مؤخرا قرار بالحبس لمدة 15 يوما.

القضايا لا تزال منظورة أمام المحاكم والحقائق لا يجزم أحد مهما اقترب من الصورة أنه يعرف تفاصيلها، كل يوم يحمل لنا واقعة مغايرة لما كنا نعتبرها قبل لحظات هي الحقيقة الوحيدة، وهو ما قد يدفعنا بين الحين والآخر لكي نعيد مرة أخرى ترتيب الأوراق، على الجانب الآخر هل ينتظر كتاب الدراما انتهاء التحقيقات أم أنهم يسارعون بإعداد أفلامهم ومسلسلاتهم قبل أن يقول القضاء كلمته الأخيرة.

القنوات الفضائية مصرية أو عربية لم تغب أبدا عن المشهد المصري الذي يشكل جزءا فاعلا مما نراه عبر ما تبثه لأنها النافذة التي نطل عليها وهي التي تدفع مقابل العرض ولهذا فإنها تلعب دورا محوريا ولا شك في اختيار الرسالة وتوجيه المؤشر السياسي، الفضائيات بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) لها مساحتها في تحديد زاوية الرؤية وبعد رحيل الإخوان وإغلاق قنواتهم وجدنا توافقا بين كل الفضائيات التي توصف بالليبرالية، يكفي أنها يوم الجمعة الماضي مثلا اتفقت جميعها على إلغاء كل البرامج والمسلسلات لكي تسهم في دفع الناس إلى الميادين لتفويض الفريق أول عبد الفتاح السيسي في اتخاذ اللازم للقضاء على الإرهاب وما سيتبع هذا من فض الاعتصامات المناوئة للسلطة ولخارطة الطريق التي أعلنتها القوات المسلحة، كل الاحتمالات ممكنة ومن بينها الاستخدام المفرط للقوة، ولا يغيب عن المشهد في خضم كل ذلك صورة كل من الرئيسين السابقين المخلوع حسني مبارك والمعزول محمد مرسي.

البرامج التلفزيونية بعد الثورة لا تكف على أن تدلي بدلوها في كل ما نراه، الدراما تحركت على استحياء لأن الواقع بإيقاعه اللاهث لا يسمح لها أن تتبنى موقفا ثابتا.

في رمضان الماضي كانت الدراما تتجنب صورته بينما هذا العام شاهدنا حسني مبارك يطل من خلال صور فوتوغرافية في مشاهد وأيضا في «تترات» عدد من المسلسلات في تعمد واضح، مثل «العراف» و«بنت اسمها ذات» و«الوالدة باشا» و«بدون ذكر أسماء»، وبالطبع المسلسل الوحيد الذي من المنتظر أن يوجه انتقادا للحقبة المباركية هو «ذات» لأنه ينتهي بثورة 25 يناير، بينما مثلا الكاتب وحيد حامد في «بدون ذكر أسماء» ذكر على لسان بطل المسلسل أحمد الفيشاوي أن مبارك كانوا يصفونه بـ«لافاش كيري» نوع من الجبن على سبيل السخرية، بينما يقدم عادل إمام في «العراف» من بين الشخصيات التي ينتحلها واحدة قبل نهاية الحلقات لسجين يهرب من الزنزانة ويرشح نفسه بعدها رئيسا لمصر. وكأنه يقدم تنويعة على مرسي، وبالطبع تم تصوير هذا الموقف قبل أن تصبح قضية تتناولها المحكمة، كانت هناك بداية مشروعات لمسلسلات وأفلام تفضح فساد مبارك وتهاجم مشروع التوريث وتنتقد شخصيات لعبت دورا محوريا في تلك السنوات مثل فتحي سرور وصفوت الشريف وزكريا عزمي وأحمد عز، كما أن سوزان مبارك وسيطرتها على عدد من ملفات الدولة أثارت شهية كتاب الدراما، ولكن مع تطور الأحداث ودخول مصر في مواجهة مباشرة مع الأخوان، تغير المؤشر تماما ليدفع كتاب الدراما إلى ذروة درامية أخرى، سيطل على المشهد ولسنوات قادمة المخلوع والمعزول، ولكني لا أتصور أننا سنرى الحقيقة، سنلمح انحيازا هنا أو هناك الكل سيقدم وجها واحدا فقط من الصورة ممزوجة بقناعته السياسية وأيضا بمصالحه الشخصية، فلا تنتظروا الآن من أحد قول الحقيقة!.