الكويت والديمقراطية

TT

السؤال حول ما إذا كانت الديمقراطية في الكويت قد نجحت أم لا هو سؤال مشروع ويتكرر دائما في كل مرة يأتي فيها الحديث عن الديمقراطية الكويتية.

آراء كثيرة كُتبت وتمت مناقشتها في هذا الصدد.. فبينما يرى البعض أنها كتجربة لم تنجح لأن الديمقراطية بمعناها الشمولي نظام يفترض أن ينقل المجتمع نقله حضارية، وهو - وفقا لهذه الرؤية - أمر لم يتحقق بعد في الكويت!!

ويرى البعض الآخر أن ديمقراطية الكويت قد حققت نجاحا من حيث أنها ساهمت في خلق مناخ ثري سياسيا وفكريا.. وأدت إلى ولادة مجتمع متمرس في الحوار!!

ومن بين هاتين الرؤيتين.. تبرز التجربة عن قرب كنموذج لكيفية وشروط تحول المجتمعات سياسيا وفكريا!! فالتجربة قياسا على عمر الشعوب والأمم لا تزال بكرا وفي بدايتها.. ولكي يكون التقييم منصفا.. فإن علينا أولا أن لا نقارن تجربة الديمقراطية الكويتية بمثيلتها في بريطانيا مثلا.. لأن مثل هذه المقارنة حتما ستحكم عليها بالفشل.. وإنما تصبح المقارنة منصفة، إن نحن رصدنا على ضوء هذه التجربة أي نمو أو تحول مثمر فيها نحو الترسيخ الحقيقي للممارسة الديمقراطية بشكل عام!!

إذا نحن اعتمدنا الصيغة الثانية من المقارنة.. فبالإمكان القول إن تجربة الديمقراطية في الكويت هي حتما تجربة ناجحة.. فبين مجلس 1963 ومجلس 2013 اتسع نطاق التجربة.. ولم تعد الديمقراطية قاصرة على من يحالفهم الحظ في دخول المجلس، وإنما أصبح الجميع مشاركا ومساهما في القرار.. وأصبح معها الوعي بالمسؤولية الدافع الأول لمئات الشباب الكويتي، الذي وقف في ساحة الإرادة، التي أصبحت أشبه ببرلمان شعبي أو مساند ليقول كلمته في النظام الانتخابي فيسعى إلى تغيير تركيبة الدوائر فيما أصبح يعرف بجملة «نبيها خمس» وليسقط الوزارة في سابقة تعتبر الأولى في دول الخليج!!

لا يمكن اعتبار الحراك الشبابي وتجمعات ساحة الإرادة أمورا عابرة.. ولا يجوز تصويرها بكونها حماسا شبابيا مؤقتا سرعان ما يأفل.. فأن يخرج عشرات الآلاف إلى الشوارع رافعين مطالبهم السياسية في بلد يزيد عدد سكانه على المليون نسمة بقليل لهو مؤشر على أن الديمقراطية في الكويت هي في الاتجاه الصحيح.

التجربة الديمقراطية في الكويت نجحت في خلق وعي شبابي مدرك لدوره ولمسؤوليته.. ولضرورة تجاوز الانقسامات.. فلقد تجاوز الحراك الشبابي هاجس وانقسامات السنة والشيعة!

لا أريد أن أقول إن التجربة الديمقراطية في الكويت قد نجحت.. فذلك هدف لا يزال بحاجة إلى المزيد من الممارسة.. ولكني أستطيع أن أقول وبثقة إن حركة التغيير في الكويت.. التي كانت قد بدأت مع أول مجلس أمة منتخب في عام 1963.. هي حركة مستمرة وتكتسب زخما يوما بعد يوم.. وهي حركة تطمح إلى صياغة عقد اجتماعي جديد بين أسرة الحكم والشعب الكويتي.. عقد أصبحت تفرضه ظروف المرحلة الراهنة ومعطياتها!!

تتمتع الكويت اليوم ببرلمان هو نتاج انتخابات نزيهة.. صحافة حرة ومؤثرة.. وقضاء مستقل.. ومؤسسات وهيئات مدنية نشطة.. وجمعيات ثقافية وفكرية.. وحلقات حوار ثرية.. ومعارضة صلبة وفاعلة.. وهذا كله نتاج خمسين عاما من ممارسة الإرادة الحرة.. ومناخ سياسي وفكري مفتوح بلا قيود وبلا رقابة مسبقة!!

واقع كهذا يجعل من جدلية فشل أو نجاح التجربة الديمقراطية في الكويت مسألة ثانوية.. فالتقييم العادل للتجربة يكون برصد آثارها.. وللقارئ الكريم مطلق الحرية في اختيار أحد قطبي الجدلية.. فشل الديمقراطية أو نجاحها في الكويت.. بشرط أن يكون متابعا للحراك الشبابي الذي نشط بوضوح منذ عام 2006.

* كاتبة كويتية