خدعة الحزب الجمهوري بشأن قانون «أوباما كير»

TT

من النادر أن يقوم حزب سياسي بالإعلان عن موقف يكشف عن غير قصد قصر نظره وتشوشه ورغبته في الحصول على الغنائم من دون اعتبار لأي شيء آخر، وهذا هو ما حدث مع الحزب الجمهوري عندما شن حملة للفت الانتباه إلى «ضحايا» قانون «أوباما كير» للرعاية الصحية، ولا سيما من الشباب.

الجمهوريون لديهم هاجس بأن هناك ظلما لبعض الشباب الأصحاء الذين سيدعمون بشكل فعال المرضى من كبار السن عندما يوضع قانون «أوباما كير» حيز التنفيذ.

وفي حديثه مع زميلتي سارة كليف لصحيفة «واشنطن بوست»، قال دين كلانسي، وهو نائب رئيس مؤسسة «فريدموركس»: «المخطط كله هو تجنيد الشباب لكي يدفعوا أكثر مما يجب، وهو ما سيشجع آخرين على تقديم الإعانات والدعم. هذا الظلم يذكرنا بالخدمة العسكرية».

ولذلك، يحث المحافظون الشباب الأميركيين على المقاومة. وقال شاب ينتمي لجماعة تطلق على نفسها اسم «الشباب الأميركي من أجل الحرية»: «أقوم بحرق بطاقة قانون أوباما كير. لا أستطيع دفع القروض الطلابية حتى يمكنني دفع تكاليف التأمين الصحي لشخص آخر! » ومن جانبهم، حث المستشارون السياسيون للحزب الجمهوري الحزب على استخدام قضية الاعتداء على الأطفال كجزء من رسالة الحزب المناهضة لقانون «أوباما كير».

يبدو هذا الأمر مثيرا، باستثناء شيء واحد، وهو أن الجمهوريين قد نسوا أن معظم الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و34 عاما يتمتعون بالرعاية الصحية من صاحب العمل. وفي جميع الشركات تقريبا، يدفع الشباب نفس أقساط التأمين مثلهم في ذلك مثل الموظفين الأكبر منهم سنا. هؤلاء الشباب يعانون من مشكلات كثيرة بالفعل، ولا سيما وأنهم يعملون في القطاع الخاص! ولسبب غير مفهوم، فقد دخل هؤلاء الموظفون من الشباب هذه العبودية بمحض إرادتهم.

كيف يمكن لظلم على هذا النطاق أن ينجو من التدقيق الأخلاقي الشديد من جانب الحزب الجمهوري؟ وبعد كل شيء، يأمل الرئيس أن يقوم 2.7 مليون شاب فقط بشراء تغطية التأمين، ولكن 20 مليون أميركي تتراوح أعمارهم بين 19 و34 عاما يتمتعون بالتغطية التأمينية من صاحب العمل في الوقت الراهن، وفقا لتحليل أجرته مؤسسة «كايسر فاميلي فونديشن».

وإذا كنت تبحث عن النقاط الإيجابية، فإن هذا يجعل الرعاية الصحية القائمة على رب العمل عبر الدعم أسوأ بكثير من قانون «أوباما كير». ولكي ندرك ذلك علينا المقارنة بين شاب قوي في الثامنة والعشرين من عمره وزميل ضعيف في الثامنة والخمسين، والطبيعي أن يكون هناك فارق كبير في النفقات الصحية السنوية لكل منهما. ومع ذلك، وبموجب المؤامرة الشائنة المعروفة باسم «مجموعة التأمين الصحي»، يدفع كل منهما نفس أقساط التأمين. وقد اتضح أن جميع الشركات الكبيرة في الولايات المتحدة هي في جوهرها جمهورية للرعاية الصحية الاجتماعية، يقوم خلالها الشباب بدعم كبار السن والأصحاء بدعم المرضى - وجميعهم يدفع نفس أقساط التأمين.

وقد أوضحت ديناميكيات مماثلة السبب في أن يقوم شباب في الثانية والأربعين من عمرهم – في خطة الرعاية الصحية الفيدرالية – مثل ماركو روبيو وتيد كروز بدعم أشخاص في التاسعة والسبعين من العمر مثل تشاك غراسلي وأورين هاتش. وقد يكون هذا هو السبب الذي يجعل كروز يبدو غاضبا دائما.

وبطبيعة الحال، يعرف معظم الناس في الدول المتحضرة الطريقة التي يعتمد عليها التأمين ويوافقون على ذلك، ولكن الجمهوريين في الوقت الحاضر ليسوا مثل معظم الناس في الدول المتحضرة، فهم يعتقدون أن قانون «أوباما كير» يعد شكلا من أشكال الظلم وأقرب ما يكون إلى العبودية. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما سبب الغضب من هذا القانون؟ لو كان المحافظون ثابتين على مبدئهم، لكرسوا وقتا ومجهودا أكبر لتحرير 20 مليون شاب أميركي من الاشتراكية الموجودة في التأمين القائم على صاحب العمل ولنظروا إلى مشروع «أوباما كير» على أنه مشهد جانبي وثانوي، ولكن، للأسف، المحافظون ليس لديهم مبدأ ثابت، باستثناء تصميمهم القوي على إلحاق الضرر السياسي بالرئيس.

سيكون من الأفضل لو كرس كل أولئك المفكرين الأذكياء في الحزب الجمهوري مواهبهم وطاقتهم لمسألة كيفية توفير التأمين لـ50 مليون شخص غير مؤمن عليهم من الأساس – ولكن طرح هذه النقطة ستقودنا إلى الدخول في المعترك السياسي بكل ما فيه من سخرية لذيذة. وسيرى الجمهوريون أن حل هذا القضية سيكون عن طريق ما يمكن أن نطلق عليه اسم «أوباما رومني كير»، وأن الطريقة الصحيحة (كما علمنا الجمهوريون) هي أن يتحرك البلد نحو التأمين الشامل باستخدام الخطط الصحية الخاصة. ومن الممكن أن يقدم الحزب الجمهوري نسخة من القانون بعد تغيير قليل من اللوائح، أو أن يقوم بتقديم تغطية تأمينية كارثية لتوفير المال، ولكن إذا كان الجمهوريون جادين في ذلك، لكانوا قدموا نفس أسلوب الإصلاح الأساسي الذي يطالبون به. وبناء على ذلك، اختار الجمهوريون ألا يكونوا جادين، وهذا واضح تماما.

وفي النهاية، فإن خدعة الحزب الجمهوري بشأن قانون «أوباما كير» تبين كيف يمكن أن يبدو الحزب سخيفا عندما يؤدي التركيز السياسي على زاوية واحدة إلى عدم إدراك الصورة بالكامل. إنها تذكرة، إذا كنا بالفعل بحاجة إلى تذكرة أخرى، بالصلة الوثيقة بين الفكر والبلاهة.

*خدمة واشنطن بوست