حلم كينغ.. الانتظار بثبات

TT

من الصعب تصديق أن 50 عاما قد مرت منذ أن ترددت أصداء الكلمات الأيقونية من خطاب «لديّ حلم» للدكتور الموقر مارتن لوثر كينغ من قاعدة نصب لينكولن التذكاري في ذلك اليوم الحار من أغسطس (آب) من عام 1963، مع ترديد جمع يقدر بمائتين وخمسين ألف شخص معا بقوة أغنية «سوف ننتصر يوما ما»، مع توجههم في مسيرة نحو الـ«كابيتول» أملا في دولة أميركية أفضل.

بصفتي كنت في السادسة من عمري وقتها، فإنني قد أتذكر بالكاد المعاني الضمنية للمسيرة أو احتمال أن تتحقق الحقوق المدنية يوما ما لي أو لأبناء أبنائي.

ولكن حتى في سن شبابي، أدركت أنني لم أتجنب الإهانة أو التمييز أو العار المرتبط بمواطني الطبقة المتوسطة، الأمر الذي عجّل بالاحتجاجات على التفرقة العنصرية في المطاعم في نورث كارولينا، وبمسيرات الحرية المتجهة إلى الميسيسيبي أو في يوم أحد دموي على جسر في ألاباما.

ولا يمكنني أيضا تجاهل صور الكلاب المسعورة، ومجموعات ذكور الماعز الباكية، وخراطيم المياه المضغوطة التي قابلت اللاعنف بنوع من القوة المسموح بها، التي قفزت من صفحات مجلتي «إيبوني» و«لايف» ومن جهاز التلفزيون لدي بدرجة تفوق قدرتي على إنكار مقتل جدي جراء عداء يعود لفترة طويلة من قبل مولدي.

بالنسبة لأميركا في عام 1963، ظلت ساحة الحرية صامتة بفعل الانتقاد القاسي و«أسلوب حياة» انتقل مثل طقم الصيني الرائع الخاص بالجدة من جيل للجيل التالي من دون توقع لتحقيق المساواة بين البشر أو إصلاح أكثر مكوناته المعوقة؛ تحرر ولكن مع وجود معوقات بعد 100 عام فقط من توقيع إعلان تحرير العبيد.

كان أمام أميركا طريق طويل لبسط يديها؛ من توقيع إعلان الاستقلال في عام 1776، إلى سن قانون الحقوق المدنية التاريخي لعام 1964. في مواجهة شجاعة أخلاقية، انهارت «أميركا 1963» التي خبرتها تماما كحصان من الورق. وقتها كانت المسيرة متعلقة بتوأمين يمثلان ذروة المطالب، وهما الوظائف والحرية.

ولكن لم يكن من الممكن أن تأتي الحرية من قمم الجبال من دون القضاء على الآيديولوجيات المؤسسية التي اهتمت بلون بشرة الشخص على حساب فحوى شخصيته. لم يكن من الممكن أن يرتد عنها صدى من دون إعادة بناء نظام اقتصادي يمنح أجورا متكافئة نظير عمل متكافئ أو نظام قانوني يضمن المساواة في الحماية في ظل قوانينه.

وبفحص الحلم من منظور السن مع الحكمة والخبرة التي تثقل رؤيتي، يبدو أننا قد وصلنا هذا الصيف إلى مرحلة يبدو فيها كل شيء جديد قديما مرة أخرى.

يمكننا بالتأكيد أن نشير إلى أمثلة واضحة على التقدم، شاهدناها في تنصيب رئيسنا الرابع والأربعين وفي العديد من الأمثلة الأخرى البارزة.

في عام 1965، كان لدينا قانون حقوق التصويت، وبعد ثمانية وأربعين عاما، عاد بنا إلغاء الفقرة الرابعة إلى نقطة البداية ومهد الطريق لنوع من قمع الناخبين حاربنا من أجل القضاء عليه منذ خمسة عقود مضت.

في مكانه من التوقع، حثنا كينغ على عدم «تجاهل أهمية اللحظة». قال إن عام 1963 لم يكن النهاية؛ بل البداية.. إنه خيط ترابط الأحداث الرفيع المحيك عبر نسيج تاريخنا المعقد والمتناقض في الأغلب.

وبافتراض عقلية اليوم، علينا ألا نتجاهل «خطورة اللحظة الحالية» في صراعنا الحالي من أجل العدالة والتمكين الاقتصادي والتمتع بخدمات الإسكان ورعاية الأطفال والتعليم والرعاية الصحية وإصلاح السجون وريادة الأعمال، وما إلى ذلك.

إن الذكرى الخمسين للمسيرة إلى واشنطن هي تنبيهنا التحذيري.

ذكرى خطاب كينغ الفارق تعد تذكرة مؤثرة بعربون حريتنا المدفوع بالكامل في ظهيرة يوم حار من شهر أغسطس (آب) في عام 1963. وواجبنا الآن اتخاذ إجراء مباشر لتمرير قضية الوظائف والحرية من جيل للتالي مثل طقم الصيني القيم الخاص بالجدة.

* خدمة «واشنطن بوست»