عالم من دون خصوصية

TT

في روايته العظيمة والتنبؤية «1984»، عرض جورج أورويل رؤيته لما يمكن أن يبدو عليه الاستبداد إذا ما ذهب إلى أبعد مدى منطقي له.

الحكومة – في صورة الأخ الأكبر – ترى وتعرف كل شيء. يعيد الحزب كتابة الماضي ويتحكم في الحاضر. ويظهر المهرطقون على شاشات التلفزيون، بحيث يمكن أن يدينهم العامة. وتروج وزارة الحقيقة لثلاثة شعارات للحزب هي:

الحرب سلام

الحرية عبودية

الجهل قوة

علاوة على ذلك، فإن رواية «الدائرة» الجديدة لديف إيغرز، تشتمل على ثلاثة شعارات قصيرة منسوبة لأورويل، وفيما لا أملك رؤية خاصة بشأن ما إذا كانت رواية «الدائرة» تحذو حذو «1984» أم لا، أعلم أنه قد ينتهي الأمر بكل جزء من هذا الكتاب لأن يكون تنبؤيا.

موضوع رواية إيغرز هو ما يمكن أن يبدو عليه فقدان الخصوصية إذا ما ذهب لأبعد مدى منطقي له. لا ينصب تركيزه على حكومة، وإنما على شركات التكنولوجيا التي تنتهك خصوصيتنا بشكل يومي. «الدائرة»، كما ترون، هي إحدى شركات «وادي السيليكون»، مزيج شرير من «غوغل» و«فيس بوك» و«تويتر»، والتي يتناول إيغرز ثقافاتها – المجانية وإدمان العمل والصداقة الزائفة – بمبالغة نسبية فقط.

تتمتع «الدائرة» بقوة ضخمة لأنها قد أصبحت البوابة الرئيسة لشبكة الإنترنت. وبفضل احتكارها النسبي، فهي قادرة على جمع أكوام من البيانات عن كل شخص يستخدم خدماتها – وكثيرون ممن لا يستخدمونها بالمثل – بيانات تسمح للدائرة بتعقب أي شخص خلال دقائق معدودة. وقد بدأت في زرع كاميرات خفية صغيرة في أماكن كثيرة – لتقليل معدل الجريمة، مثلما يؤكد قادتها.

«الدائرة» ترغب في وضع كاميرات شريحة بملابس الأطفال لتجنب جرائم الاختطاف. وقد ناشدت الحكومة بالتحلي بـ«الشفافية»، بمعنى أنه يجب أن يرتدي المشرعون كاميرا صغيرة تسمح للعالم بمتابعة كل خطوة يخطونها. بالتأكيد، سيجد المشرعون الذين يرفضون ذلك أنفسهم موضع ارتياب – في المقام الأول، سيكون ثمة انطباع بأنهم يخفون شيئا ما. وهنا تكمن الخيوط المنطقية للدائرة.

بالطبع، لن يرى أحد يعمل مع «الدائرة» أن ما يقوم به عمل شرير. على النقيض، كالكثير من المسؤولين التنفيذيين الحقيقيين بشركات «وادي السيليكون»، ينظرون لأنفسهم كأشخاص حالمين، هدفهم الوحيد نبيل وهو جعل المكان مكانا أفضل.

* خدمة «نيويورك تايمز»