دول وأفراد وسلب

TT

ثمة إعلان فرنسي قديم يقول «أجد الإيجابيات في كارفور». كنت أعتقد أنه شعار سطحي من النوع الذي يجتذب عامة المستهلكين. لكنني أدركت مع الوقت أنه إعلان ضد طبع الفرنسي الذي يتذمر من كل شيء، ويرفض الإيجابيات قبل أن يبحث أهمية نتائجها عليه.

تطلع حولك في محيطك الصغير وفي محيطك الكبير. سوف تجد أناسا يجيبون بـ«لا» قبل أن تكمل السؤال. وسوف تجد نموذجا لم تسمع منه كلمة طيبة عن أحد أو شيء أو بلد أو فصل أو أوائل شهر نيسان.

هذا النوع موجود في الأفراد وفي الدول. يسمونه، للاختصار، النوع السلبي، كنقيض للإيجابية كما في إعلان «كارفور». انظر إلى الفيتو في مجلس الأمن. إنه لا يمكنك من تحقيق أي شيء، لكنه يمكن صاحبه من تقويض كل شيء. إنه مقر ومصنع السلبيات. لقد ترك 800 ألف رواندي يموتون بالسواطير من دون أن يرسل جنديا واحدا. وترك نحو 8 ملايين سوري في العراء والذل والبرد لأن المندوب الروسي رفع يده معترضا. هناك دول وأمم لم تحقق في تاريخها شيئا إيجابيا واحدا لكنها نجحت دائما في السلب. كوريا الشمالية ترعب اليابان وكوريا الجنوبية، لكنها لا تستطيع أن تؤمن الأرز لشعبها. وإيران تعوق أي توافق في الشرق الأوسط لكنها لا تمنح الإيرانيين أي مستوى مقبول من مستويات العيش. أقامت، مثل الاتحاد السوفياتي السابق، اقتصادا عسكريا يقلق الجميع لكنه عاجز عن إرضاء آمال الإيرانيين في حياة أفضل.

كانت قوة النظام السوري منذ 50 عاما في أنه قادر على زعزعة أمن الجوار وقمع حريات مواطنيه. لكن لم يعرف عنه إقامة مشروع تنمية واحد. وعندما بدأت حركات التمرد قال كبير الصناعيين السوريين مدافعا عن النظام: «كيف لا يكون هناك فساد وراتب أعلى مدير في الدولة 500 ليرة؟».

اشترت «طيران الإمارات» من شركة «بوينغ» وحدها مائة طائرة في معرض دبي للطيران (18 نوفمبر/ تشرين الثاني). وزاد مجموع مشترياتها على 150 مليار دولار، أي ما يكفي لإعادة إعمار ما دمرته الـ«ميغ» والـ«إليوشن» في سوريا طوال ثلاثة أعوام.

القاعدة أن محمد بن راشد أراد أن يبني بلده لا أن يدمر أو يعرقل بلدان سواه. قوة الإيجاب لا طاقة السلبية. أعرف عددا كبيرا من الناس يشتمون كل اسم تذكره. وفيما يكدس الشاتم نتاج حسده، يجمع المشتوم إيجابيات عمله.