بشر الخليج.. وحجره

TT

في قمة الكويت الأخيرة لدول الخليج العربية، تحقق المراد في الاستمرار، وهذا بحد ذاته إنجاز. وفي الحقيقة، لا مناص لأي دولة من دول الخليج، بما في ذلك سلطنة عمان، من البقاء ضمن الخيمة الخليجية، فما البديل؟

خيمة الخليج توفر الظل من الهجير، والسقف من المطر، والستر من الشامتين، والعون في نوائب الزمان.

بكل حال، فحديث الاتحاد والوحدة الخليجية ليس جديدا، ولا مرتجلا، فهو من صلب النظام المؤسس لمجلس التعاون بإقرار دوله الست، حيث جاء في المادة الرابعة حول الأهداف: «تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولا إلى وحدتها».

غير أن حديث الاتحاد متشعب، وأصلا لم يكن موضوعا رئيسا على جدول أعمال قمة الكويت.. كان مادة للسخونة الإعلامية، أكثر منه ملفا سياسيا برسم الاستعجال.

جرى في قمة الكويت اتخاذ خطوات، في نظري هي أكثر أهمية من إثارة الإعلام حول السجال الخليجي - الخليجي بشأن الاتحاد. في البيان الختامي الأخير تناول لقضية الأمن المائي، وبداية إنشاء مشروع سكة حديد مجلس التعاون، لتشغيله في الوقت المتفق عليه عام 2018. كما وافق المجلس الأعلى للقمة على إنشاء قيادة عسكرية موحدة لدول المجلس، وإنشاء جهاز شرطة خليجية.

كل هذا في الحقيقة بناء عملي لسور الاتحاد، عوض السجال الكلامي حوله.

غير أن الأهم هو الاستثمار في البشر؛ فالبشر هم هدف التنمية، وهم وسيلة تحقيقها.

من أجل ذلك، كان «الأهم» في البيان الختامي، في تقديري، توصيات كهذه:

وافق المجلس الأعلى على إنشاء أكاديمية خليجية للدراسات الاستراتيجية والأمنية لدول المجلس، ومقرها دولة الإمارات.

وأقر تأسيس برنامج دائم لشباب دول مجلس التعاون بهدف تنمية قدراتهم وتفعيل مساهمتهم في تعزيز روح القيادة لديهم والتعريف بالهوية الخليجية.

بناء الإنسان الخليجي، الواثق، المطمئن، العارف، هو قصة القصص، وقضية القضايا.

ليت هذه الأكاديمية المزمع تشييدها تولي هذا الجانب تركيزها، فنحن نعاني فقرا هنا.

ليت هذه الأكاديمية، الممولة من دول الخليج للبحث «الاستراتيجي»، تكون نواة لخلق نخب من باحثي الخليج، يملكون المهارات والقدرات على تنوير مواطن الخليج، بالعلم، كما تقدم لصانع القرار ذخيرته من المعلومات، وتعميق رؤيته أكثر.

حرام أن تكون دول بمستوى دول الخليج، بشبابها المتفتق طاقة، شاحبة من نضارة البحث الاستراتيجي الجاد.

ولم أر في عيوب الناس عيبا

كنقص القادرين على التمام

فهنيئا هذه الخطوة بالغة الأهمية. يبقى حسن تنفيذها.