لماذا الغضب الهندي تجاه معاملة أحد دبلوماسييها؟

TT

لم تشهد العلاقات الأميركية - الهندية هذا القدر من التوتر منذ سنوات. السبب في ذلك هو اعتقال الولايات المتحدة دبلوماسية هندية، ديفيان خوبراغاد، واتهمتها بتقديم معلومات كاذبة في طلب استخراج تأشيرة لمربيتها التي قالت إنها تدفع لها 3.31 دولار في الساعة، وهو أقل بكثير من الحد الأدنى للأجور، وقد أبدى الكثيرون اندهاشا من الغضب الهندي.

قالت خوبراغاد، نائب القنصل العام الهندي، في رسالة إلى زملائها وعائلتها، إنها واجهت إهانات تكبيل يديها بشكل متكرر، والتفتيش الذاتي، واحتجازها مع مجرمين ومدمني المخدرات على الرغم من تأكيداتي المتواصلة بتمتعي بالحصانة. وقد وصف رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ المعاملة التي لقيتها خوبراغاد بمعاملة «يرثى لها». لكن المسؤولين الأميركيين أصروا على أنه جرى التعامل معها وفق القواعد المتبعة.

وعلى الرغم من أن المعاملة (الإهانات على حد تعبيرها) التي تعرضت لها خوبراغاد تبدو قياسية إلى حد بعيد، فإن الاعتقاد، في الهند، بأن كرامة المرأة جزء من كرامة المجتمع والدولة، لا يزال مبدأ أصيلا. لذلك عندما نشرت التقارير عن احتجاز دبلوماسية هندية وتفتيشها ذاتيا والتعامل معها وكأنها مجرمة لم يستطع الشعب الهندي تقبل الأمر. بيد أن هذه لم تكن المرة الأولى التي يواجه فيها دبلوماسي هندي مثل هذه القضية.. ففي فبراير (شباط) الماضي أمرت محكمة نينا مالهوترا بدفع 1.5 مليون دولار لخادمتها السابقة للظروف الوحشية التي عانتها. لكنها لم تتعرض للتفتيش الذاتي أو السجن، ومن ثم لم تخرج مظاهرات عامة.

أيضا ليس من قبيل العادة أن يتعرض مسؤول رفيع المستوى إلى الاحتجاز، وخاصة بالنسبة لاتهامات يراها الكثير من الهنود اتهامات ثانوية.. فقد جرى احتجاز خوبراغاد مع أشخاص يواجهون اتهامات تتعلق بالمخدرات - والتي تعد اتهامات ثانوية بالنسبة للنظام القضائي الأميركي - لكن احتجاز دبلوماسية هندية على خلفية قضية راتب لمربيتها أمر لا يصدق، وأمر لم يعتد الهنود على سماعه.

كان الرد الرسمي الأميركي أن كل الإجراءات معيارية، وأن خوبراغاد لا تتمتع بالحصانة الدبلوماسية في هذه القضية، لأنه وفقا لاتفاقية فيينا بشأن العلاقات القنصلية، فإن نائب القنصل العام يتمتع بالحصانة من الملاحقة القضائية في المحاكم الأميركية في الممارسات الخاصة بعمله القنصلي، بحسب ماري هارف، نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ولذا فهي تحظى في هذه الحالة بنوع معين من الحصانة وستكون عرضة للاعتقال في انتظار محاكمة. ومن ثم قامت الهند بنقلها إلى منصب جديد حتى تتمتع بحصانة كاملة.

لم تنل الخادمة الكثير من الاهتمام، واتخذت الهند جانب المرأة التي تعرضت للظلم - والتي كذبت والتي لم تدفع أجرا كافيا والتي تتمتع بالجرأة الآن للزعم بأنها ما كان ينبغي أن تعامل كالمجرمين. وما «يرثى له»، كما قال رئيس الوزراء، ليس المعاملة التي تلقتها خوبراغاد، التي كانت معيارية، بل في حقيقة الأمر، أن الكثيرين في الهند لم يدينوا الظلم الذي تعرضت له الخادمة.

لقد كان رد الفعل الهندي مخيبا للآمال. لماذا ينظم الهنود مظاهرات لمعاملة دبلوماسية بطريقة مميزة؟ ولماذا لا تعامل كمتهمة عادية؟ في الهند نادرا ما يلقى القبض على مسؤول في السلطة لدفع راتب متدن لخادم. ومن المضحك أن نتصور أن يحدث مثل هذا الأمر في الهند. لكن الأمل لا يزال باقيا في أن تتمكن حركة مناهضة الفساد من تغيير ذلك.

بعد الغضب العالمي والاحتجاجات الشعبية التي تلت عملية الاغتصاب الجماعي لفتاة دلهي التي وقعت قبل نحو عام، كان هناك أمل في أن تثار قضية المعاملة غير العادلة للخادمة، بدلا من ذلك وقف الكثير من الهنود في المعركة إلى جانب المرأة المذنبة.

* خدمة «واشنطن بوست»