كرزاي يخشى الأميركيين أكثر من طالبان!

TT

في حين يبذل الرئيس حميد كرزاي جهوده لإجراء مباحثات السلام مع طالبان ويراوغ في التوقيع على الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة، تبقى طالبان مشغولة بتعطيل حملة المرشحين الرئاسيين والتخطيط لتنفيذ المزيد من الهجمات.

بدأت حملة الدعاية للانتخابات الرئاسية يوم السبت الماضي عندما قتلت طالبان اثنين من العاملين في حملة أحد المرشحين الرئاسيين - وهو عبد الله عبد الله - في إقليم هراة.

وكما هو معتاد بالنسبة للمتمردين - وهم جماعة طالبان في أفغانستان - تعتبر الانتخابات هي الفرصة المثالية لاستهداف الأشخاص.

صار الرئيس كرزاي، الذي كان شخصا غير معروف حتى عام 2001، رئيسا فجأة بفضل صديقه زلماي خليل زاد، الذي يحمل الجنسيتين الأفغانية والأميركية، والذي كان يمثل إدارة بوش في أفغانستان في فترة ما بعد طالبان.

وفي الوقت الراهن، أصبح الرجل، الذي كان يعتبر صديقا جيدا للأميركيين، وعلى وجه الخصوص الرئيس السابق جورج دبليو بوش، هو الشخص الذي يمثل أكبر مشكلة لإدارة أوباما.

وخلال الأسبوع الماضي، تحدثت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مباحثات كرزاي السرية مع طالبان حتى قبل اجتماع المجلس الأفغاني الأعلى للقبائل (لويا جيرغا) في كابل في نوفمبر (تشرين الثاني). ووافق شيوخ القبائل الأفغان والأفراد المؤثرون بالقبائل على توقيع الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة.

بيد أن المفاجأة تمثلت في أنه بعد كل هذا الوقت الذي قضاه «اللويا جيرغا» والنداءات الوطنية من أجل توقيع الرئيس على تلك الاتفاقية الأمنية قبل حلول الموعد النهائي لرحيل القوات الأجنبية وانسحاب جميع الجنود، ما زال الرئيس كرزاي يرفض هذا التوقيع.

ويعتقد كرزاي بشكل كبير أنه يتعين على الولايات المتحدة إرضاء «الإخوة الغاضبين من جماعة طالبان» قبل توقيع الاتفاقية الأمنية، وعلى ما يبدو فإن الرئيس شارك بنفسه في مباحثات سرية مباشرة معهم خلال الأشهر الأخيرة.

وحتى على الرغم من أن الأعضاء البارزين لطالبان يرفضون دعوة كرزاي للدخول في مباحثات سلام، فإنهم سعداء بشأن رفض كرزاي توقيع الاتفاقية الأمنية واتخاذ مواقف متصلبة أمام الأميركيين.

وهناك احتمالية بأن تكون الجماعات الأقل تأثيرا التابعة لطالبان قد دخلت في اتصالات مع الرئيس بشكل تكتيكي. وخلال الأسابيع الأخيرة، أفرج كرزاي عن المئات من أخطر سجناء جماعة طالبان من سجن باغرام على الرغم من الاحتجاجات ضد هذا التصرف. وقال كرزاي عن هؤلاء السجناء الشديدي الخطورة إنهم أفغان أبرياء تعرضوا للتعذيب على يد الأميركيين ليعادوا دولتهم ويصيروا متمردين. وفي الوقت الحالي، صار لدى كرزاي، الذي نجا من ست محاولات لاغتياله، مخاوف من الأميركيين بشكل أكثر من طالبان!

ربما يعاني الرئيس الآن من أوهام بحسب الأشخاص المقربين منه. وفي هذا السياق، قال لي أحد مساعديه، بشكل سري وغير رسمي، إن الرئيس كان يشتكي مؤخرا من رؤية الطائرات الأميركية المقاتلة تطارد طائرته لإسقاطها. وفي الوقت الراهن، تتحدث البلاد بأكملها - بصوت خافت - عن مرض الرئيس وأوهامه. ربما أن طالبان تستفيد من تحمس كرزاي بشأن مباحثات السلام لضمان الإفراج عن سجنائها وتبديد الآمال المتعلقة بإبرام اتفاقية سلام مع الولايات المتحدة. وبنفس القدر الذي ينتظر به العالم إجراء الانتخابات لمعرفة الرئيس المقبل، فلدى طالبان آمال للاستحواذ على البلاد بعد الانتخابات في ضوء غياب القوات الأجنبية.

وبما أن التعاون مع هذا الرئيس الحالي أمر صعب في تلك اللحظة، يبدو أن الولايات المتحدة قامت بتأجيل الحديث عن جميع الأمور مثل انسحاب القوات وتوقيع الاتفاقية الأمنية إلى فترة ما بعد الانتخابات في أبريل (نيسان).

وفي حين يحظر على كرزاي، بموجب الدستور، أن يترشح لفترة رئاسية ثالثة، فمن الصعب أن نثق في صناديق الاقتراع بالنسبة للمرشحين الأحد عشر الذين يخوضون سباق انتخابات الرئاسة في بلد وصل فيه الفساد والاحتيال إلى أعلى مستوياته بين دول العالم.

وعند النظر إلى قائمة المرشحين لمنصب الرئاسة، نجد أن من بينهم شقيق الرئيس، الذي يمتلك مطعما للمأكولات الأفغانية في بالتيمور. وعلاوة على ذلك، هناك مسؤول سابق بالبنك الدولي اختار نائب رئيس معروفا باسم «جزار الشمال». ومن بين المرشحين أيضا قائد عسكري مشهور من الجنوب ربما لا يستطيع القراءة أو الكتابة، بالإضافة إلى مرشح إسلامي متشدد ذي لحية كان وجه دعوة من قبل إلى أسامة بن لادن لزيارة أفغانستان.

ويخوض عبد الله عبد الله، العضو السابق بالتحالف الشمالي والذي احتل المرتبة الثانية في انتخابات عام 2009، سباق الانتخابات الرئاسية مرة أخرى.

وتشير التقديرات إلى أنه لا يوجد سوى 3.5 مليون ناخب مسجل من إجمالي عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت والبالغ عددهم 12 مليون شخص. وبما أن النساء يشكلن نسبة 35 في المائة من إجمالي الناخبين، فيجب أن نتوقع أنهم سيلعبون دورا حاسما في حال إجراء الانتخابات من دون تزوير.

وحتى الآن، تتمثل القضية الرئيسة والسؤال الأهم في توفير المتطلبات الأمنية من أجل إجراء الانتخابات في السادس من أبريل. وبجانب مسألة الأمن، فإن حالة انعدام الثقة بين كرزاي والأميركيين تلقي أيضا بظلالها بشكل كبير على الانتخابات.