تقييم أداء الوزير بـ «الآيباد»!

TT

ما شعورك حينما تعلم أن الوزير العربي في بلادك يتم مراقبة تطور أدائه بصورة أسبوعية من خلال الحاسوب اللوحي المتنقل لرئيس الوزراء؟ ما شعور الوزير نفسه حينما يعلم أن هذا التقييم يقيس بدقة مدى التزام القطاعات التي يشرف عليها في الوزارة بمؤشرات الأداء KPI وعددها 3600 مؤشر؟ هذا بالضبط ما يحدث حاليا في حكومة دولة الإمارات حيث أطلعني مسؤول رفيع، على هامش القمة الحكومية، على فكرة الـDashboard وهي عبارة عن برنامج يراقب من خلاله رئيس الوزراء الشيخ محمد بن راشد أداء وزرائه.

ويمكن لأي وزير، في أي لحظة، الدخول إلى هذا البرنامج ومعرفة ترتيبه بين الوزراء غير أن أسماء المتنافسين تحجب عنه ولا يظهر له سوى ترتيبه في سباق الأداء الوزاري. المهم أن يعرف مثلا أنه في المرتبة الثالثة وأن الوزيرين اللذين حلا في المرتبة الأولى والثانية كان مجموع التزام قطاعاتهم بمؤشرات الأداء أكبر وأسرع من التزامه. وفي نهاية العام يعلن رئيس الوزراء على الملأ أفضل أداء وأدناه، ومن منا يريد أن يكون في مؤخرة الركب.

وهذا الأسلوب يساعد كل وزير على أن يعرف على مدار الساعة أين مواطن الخلل في وزارته. فيبدأ بالتفكير بطريقة الشركات الخاصة التي تتخلص من المسؤولين المتراخين أو بالأحرى المتقاعسين وتستبدلهم بالمؤهلين الذي يسابقون الزمن لتحقيق الأهداف الموضوعة. وهي كلها مؤشرات يجب أن تصب في إطار أهداف محددة للدولة وليست سطورا إنشائية فضفاضة.

حينما تقيم المؤسسات العامة قيادييها بحزم وعدالة فإنها ترسخ مفهوم «الرقابة» الذي يعد ركنا أساسيا في الإدارة. وعندما يرى الموظف الصغير أن مسؤوله أو وزيره أعفي من مهامه لتقاعسه فإن آخر شيء يفكر فيه هو أن يسلك مسلكه. وليس من الإنصاف أن نحاسب من دون أن نكافئ بل ونشهر المكافأة على الملأ ليقتدي بأصحابها الجميع.

وليس هناك في عالم الإدارة طريقة مثالية في تقييم القياديين ومنهم الوزراء لكن هناك قواعد أساسية وهي العدالة والجدية والمؤشرات الواضحة والأهم من هذا كله أن يكون هناك آلية واضحة يخضع لها كل فريق حكومي مهما كانت تشكيلته بعيدا عن المحاباة. حتى يتسابق الجميع في ميدان التنافس الشريف لخدمة الوطن والمواطنين.

* كاتب متخصص في الإدارة