اختيار إيران لمندوبها.. هل يستحق هذا العناء؟!

TT

أثار اختيار إيران لمبعوثها الجديد للأمم المتحدة دهشة إدارة الرئيس أوباما؛ فقد تسبب ترشيح حميد أبو طالبي (دبلوماسي إيراني رفيع المستوى)، والمستشار السياسي للرئيس روحاني مبعوث إيران لدى الأمم المتحدة في كثير من الجدل خلال الأيام الأخيرة، رغم الاتهامات الموجهة إليه بالضلوع في الهجوم على السفارة الأميركية في طهران وأزمة الرهائن عام 1979 الأمر الذي دعا المسؤولين الأميركيين إلى وصف الخيار الإيراني، «بغير الناجح».

لا يزال اختطاف 52 رهينة أميركيا لمدة 444 يوما في إيران واحدا من المواضيع الأكثر حساسية بين البلدين. ورغم عدم اعتذار إيران عن احتجاز الرهائن الدبلوماسيين الأميركيين، لكن كلا البلدين سعيا خلال الأشهر الأخيرة لبذل الكثير من الجهود لكسر الجليد وتحسين العلاقات على الرغم من الصعوبات والمشكلات.

وقد كانت المحادثة الهاتفية التي جرت بين أوباما وروحاني في سبتمبر (أيلول) الماضي أثناء زيارة روحاني لمدينة نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إنجازا كبيرا للبلدين عقب الثورة الإيرانية.

وسعيا وراء تخفيف التوتر بين البلدين قبلت الولايات المتحدة من خلال فريق التفاوض «5 + 1» بحق إيران في تخصيب اليورانيوم على نطاق ضيق لإغلاق الملف النووي في غضون بضعة أسابيع.

وجرى التوصل إلى اتفاق مؤقت أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2013 ومنذ ذلك الحين تجري محادثات مكثفة بين إيران والقوى الغربية للوصول إلى اتفاق نهائي بحلول منتصف شهر يوليو (تموز) وفقا لذلك.

وفي الوقت الذي كان وزير الخارجية الإيراني مشغولا فيه بمحادثات «فيينا 3» خلال الأسبوع الماضي مع القوى العالمية، أثارت إيران التوتر من جديد مع الولايات المتحدة. هذه المرة كانت بترشيح المبعوث الإيراني لدى الأمم المتحدة.

تسبب هذا الاختيار في صدمة لأعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بسبب حساسية أزمة الرهائن الأميركيين في الولايات المتحدة، وكذلك صدمة لأوباما، الذي منح الكثير من المزايا لحكومة روحاني كي توافق على مبادرات الولايات المتحدة الجيدة لإقامة علاقات مع إيران.

وفي الوقت الذي دافعت فيه طهران عن ترشيح حميد أبو طالبي، أقر مجلس الشيوخ تشريعا يحظر دخول أي مسؤولين الولايات المتحدة بسبب ضلوعهم في أعمال إرهابية. هذا القانون يجب أن يحال إلى مجلس النواب في البداية، وإذا ما جرت الموافقة عليه يجب أن يوقع من قبل الرئيس أوباما ليتحول إلى قانون. مشروع القانون هذا يعني تحديا آخر وإزعاجا للرئيس أوباما بعد فترة ليست طويلة من مواجهته مع الكونغرس حول فرض عقوبات جديدة على إيران خلال المفاوضات، وتهديد الرئيس أوباما الكونغرس باستخدام حق النقض ضد مشروع القانون في حال فرض عقوبات جديدة ضد إيران وتهديد المفاوضات وجهوده الدبلوماسية لحل مشكلة البرنامج النووي الإيراني.

المؤكد هو أن اختيار أبو طالبي لقيادة البعثة الدبلوماسية الإيرانية في الأمم المتحدة في الولايات المتحدة ليس قرارا صائبا لاتخاذه في هذا التوقيت. وقد أنكر أبو طالبي مشاركته المباشرة في أزمة الرهائن وأن دوره اقتصر على مساعدة الطلبة الذين احتجزوا الرهائن الأميركيين في مسألة التفسير.

ووصف وزير الخارجية ظريف الجولة الجديدة من المحادثات النووية الإيرانية في فيينا بأنها «مهمة وحاسمة» بسبب التحضير للمشروع النهائي للاتفاق.

فهل كان من الضروري أن يرشح الرئيس الإيراني شخصا تثور شبهات حول ماضيه ويتوقع أن يتسبب في تجدد التوتر بين إيران والولايات المتحدة في الوقت الذي وصلت فيه المحادثات النووية إلى مرحلة هامة من صيغتها النهائية؟!

وسوف تواجه إدارة أوباما خلال الأيام القادمة تحديات كبيرة في منح تأشيرة الدخول لأبو طالبي.

يذكر أنه وفقا لاتفاقية الأمم المتحدة مع الدولة المضيفة، الولايات المتحدة، لا تستطيع واشنطن من الناحية القانونية رفض منح تأشيرات لأعضاء بعثات الدول أو المنظمات التابعة للأمم المتحدة. لكن كانت هناك حالات لم تمنح فيها الولايات المتحدة تأشيرة دخول لمجموعات أو لأشخاص يريدون زيارة الأمم المتحدة، وقد حدث ذلك أيضا مع أعضاء الوفد الإيراني المرافق للرئيس السابق لإيران خلال حضوره الجمعية العامة وكذلك أعضاء في البرلمان.

إذا حدث ورفضت الولايات المتحدة منح تأشيرة لحميد أبو طالبي، فحينئذ سيكون لدى إيران الحق في تقديم شكوى أمام محكمة دولية. وحتى وإن منحت الولايات المتحدة تأشيرة لأبو طالبي، رغم كل ما أثير في وسائل الإعلام على تورطه في أزمة الرهائن، فلن يتمكن السفير الجديد من أداء دوره بشكل كامل في الأمم المتحدة.

وهناك أيضا قيود مفروضة على الدبلوماسيين الإيرانيين العاملين في الأمم المتحدة منذ الثورة لا تسمح لهم بالسفر لأبعد من 25 ميلا بعيدا عن مقر المنظمة. هذا الدور يمكن أن يمارس بصعوبة إذا حضر أبو طالبي إلى نيويورك وواجه الرئيس أوباما مشكلة جديدة مع مجلس الشيوخ والكونغرس.

فهل يستحق ذلك كل هذا العناء؟! خيار إيران الجديد لرئاسة بعثة الأمم المتحدة!