الجربا في البيت الأبيض

TT

أمضى رئيس الائتلاف السوري أحمد الجربا عشرة أيام حافلة في واشنطن التقى فيها قرابة الثلاثين مشرعا أميركيا، وجلهم من المعارضين، أو المتشككين، في أهمية دعم الثورة السورية، كما التقى وزير الخارجية الأميركي، وآخرين، وتوّج زيارته بلقاء هو الأول من نوعه مع الرئيس أوباما في البيت الأبيض.

وللقاء الجربا بأوباما مدلولات كثيرة، وإن كان اللقاء لم يتجاوز النصف ساعة، إلا أن هذا اللقاء يعد مؤشرا مهما في مسار الثورة السورية سياسيا، وتحديدا في واشنطن، حيث يظهر أوباما حذرا شديدا في عدم الانغماس بالأزمة السورية، ورغم كل الاستحقاقات. والطريف أن الجربا زار البيت الأبيض، والتقى أوباما، بينما لم يحدث ذلك قط لبشار الأسد الذي كان يحاول استغلال انتخاب أوباما، في فترته الأولى، حيث وجه حينها الأسد رسالة تهنئة لأوباما دعاه فيها إلى زيارة سوريا! واليوم الجربا في البيت الأبيض، بينما الأسد في مربع أمني في دمشق تحت حماية إيرانية!

والسؤال الآن هو: هل يغير لقاء أوباما - الجربا مسار الأزمة السورية؟ بالطبع يصعب القول بوضوح الآن ما هي الخطوة الأميركية القادمة، لكن المؤكد هو أن إدارة أوباما قد استوعبت ضرورة التحرك الآن، وإلا لما استقبل أوباما الجربا، خصوصا أن مطلب المعارضة السورية تحديدا هو التسليح النوعي للجيش الحر، ولما رفعت أميركا درجة التمثيل الدبلوماسي للمعارضة السورية. والمعلومات تشير إلى أن لقاءات الجربا مع الأميركيين، ومن بينهم أوباما، كانت واضحة وصريحة، وتم الحديث فيها بشكل مركز على ما يحدث على الأرض السورية، وانعكاساته الأكيدة ليس على المنطقة وحدها، بل والغرب، ومن بينهم الأميركيون أنفسهم.

وأهمية لقاءات الجربا بالأميركيين، وتحديدا أوباما، بحسب المصادر، تكمن في أن الأميركيين سمعوا من الجربا كلاما واضحا صريحا، خصوصا أن الجربا قدم رؤية حقيقية ذكية وهي أن الائتلاف الوطني، والجيش الحر، هما الطريق الثالث، أو البديل الثالث لعقدة الاختيار ما بين «القاعدة» أو الأسد، حيث بين الجربا للأميركيين أن هناك من يمكن الوثوق بهم في المعارضة للقضاء على الإرهاب، والأسد، ولكن ذلك لن يتم دون دعم مسلح نوعي للجيش الحر، خصوصا أن الإرهاب يضرب بسوريا الآن ليس فقط بسبب المجاميع الإرهابية السنية التي تكونت بسبب جرائم الأسد، والتقاعس الدولي، بل أيضا بسبب الإرهاب الذي ترعاه إيران هناك، سواء من خلال حزب الله، أو الميليشيات الشيعية العراقية، مضافا لها الآن تورط ميليشيات شيعية أفغانية تزج بها إيران دفاعا عن الأسد، وذلك بحسب ما كشفته أمس صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية.

وعليه فإن ما سمعه الأميركيون، ومن ضمنهم الرئيس أوباما، من الجربا، كان حديثا واضحا وصريحا، لكن من الصعب الآن طرح تصور مفصل لما قد يقوم به الأميركيون، لكن الأكيد، وبحسب المصادر، فإن زيارة الجربا ناجحة، وينتظر منها نتائج «نوعية»، وليس على طريقة تحول أميركي دراماتيكي، وإنما نوعي، وهذا هو المطلوب تحديدا من قبل المعارضة السورية، وحلفائهم!

[email protected]