حرب أوباما على الإرهاب!

TT

عاد الحديث وبقوة في الولايات المتحدة، سواء أكان في الدوائر الإعلامية أم في مراكز صناعة القرار والدراسات الاستراتيجية، عن الإرهاب والحرب عليه. ويتم دعم هذا الحديث ببيانات وإحصاءات تبين الارتفاع الكبير في العمليات القتالية لتنظيم القاعدة وكل الجماعات الإرهابية التابعة لها والمحسوبة عليها، وخصوصا في مناطق مثل أفغانستان وباكستان والعراق وسوريا واليمن والصومال ونيجيريا وليبيا وأوروبا.

ويجيء الحديث «الملتهب» هذا وسط ضغوط هائلة على الإدارة الأميركية وعلى الرئيس أوباما شخصيا لعقده «صفقة» مع تنظيم طالبان أطلق فيها سراح خمسة من أعضائه المعتقلين في سجن غوانتانامو الشهير مقابل إطلاق سراح جندي أميركي، واعتبرت أقطاب المعارضة لأوباما هذا الأمر بمثابة إطلاق لشرعية غير مسبوقة لطالبان وتمكين الفصيل الإرهابي من الحصول على مكاسب معنوية غير مسبوقة جعلته يستغلها إعلاميا لاستقطاب المزيد من العناصر للقتال معه.

هذا الصوت الاعتراضي على سياسات إدارة أوباما وصل أيضا لنقد عنيف على سياسات أوباما بشأن الثورة السورية وسوء إدارته لهذا الملف الملتهب وتأخره في اتخاذ القرارات الحاسمة التي كانت من الممكن أن تحسم الكثير من المسائل المعقدة على الأرض وتحد من وحشية نظام بشار الأسد بحق شعبه، وهذا التأخير ولد التطرف على الأرض ونتج عنه تكدس مهول من العناصر القتالية المتشددة دينيا والقادمة من الخارج مثل «القاعدة» و«داعش» و«حزب الله» وفيلق أبو العباس وغيرها.

الإرهاب لم يختفِ، بل هو عائد للظهور، فالفوضى الخلاقة أتت ومعها تطرف سياسي قاومه الشعب بأشكال مختلفة، وهذا ولد لجوءا للإرهاب كرد فعل (مبرر بحسب أدبياتهم) ويتواصل شكل هذا الإرهاب بصور مختلفة في كل بلد من البلدان المعنية بالأمر. أوباما بدأ يتعرض لضغوط داخل حزبه الذي بدا مضطربا ويخشى أن يدفع ثمن هذه السياسات المتضاربة فاتورة باهظة الثمن في الانتخابات البرلمانية القادمة، كما أن هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية في الفترة الرئاسية السابقة لأوباما والتي أصدرت للتو مذكراتها تحاول «التنصل» من قرارات وسياسات أوباما بحق الربيع العربي وأفغانستان وسوريا لأنها بدأت تدرك أن ذلك الأمر سيكون بمثابة عبء هائل عليها، وخصوصا أنها المرشحة الأوفر حظا لنيل ترشيح الحزب الديمقراطي في سباق الرئاسة القادمة.

باراك أوباما في المقابل يقول للمقربين من دائرة القرار لديه إنه حقق كافة الوعود التي أدلى بها في حملته الانتخابية، وهو بالتالي غير مقصر أبدا ولكنه الآن يتعرض لحملة ضغط غير مسبوقة محورها أنه عرض سمعة الولايات المتحدة للاهتزاز وأفقدها الهيبة والجدية، واستغل ذلك الأمر الرئيس الروسي بوتين والرئيس السوري بشار الأسد، حتى طالبان هي الأخرى دخلت على الخط. ويأتي الانتقاد الأعنف من داخل أقطاب الحزب الجمهوري من أمثال السيناتور جون ماكين والسيناتور لينزي غراهام وهما لهما ثقل لا يمكن الإقلال منه.

أوباما في مأزق «تقني» يتعلق بأنه دستوريا تجاوز صلاحياته كرئيس بإطلاق سراح أسرى حرب وإجراء صفقة مع قوى معادية دون الحصول على إذن من الكونغرس نفسه، وكذلك هو في مأزق سياسي مع حزبه ومع معارضيه. يبقى السؤال قائما هو كيفية ترجمة ذلك الأمر على صعيد الحرب على الإرهاب ومن الذي سينجح في تغيير سياسات الإدارة الحالية المحصورة بين أصوات الحمائم والصقور فيها.

أوباما الذي بدأ عهده بحالة من النشوة والأمل غير مسبوقة بحق أي رئيس أميركي معاصر مهدد أن يختم فترته الرئاسية الثانية بنسبة رضا عن أدائه متدنية بشكل قياسي.