إنفلونزا الخنازير لا تزال حاضرة

TT

نشرت «مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية» CDC بالولايات المتحدة تقرير الأسبوع الـ22 من موسم الإنفلونزا لعامي 2013 - 2014، الذي أكد حقيقة أن إنفلونزا الخنازير هي فصيلة الإنفلونزا Influenza Strain الأكثر شيوعا في إصابات الإنفلونزا لهذا الموسم بالولايات المتحدة، مما يحتم إضافة لقاح إنفلونزا الخنازير إلى مكونات لقاح الإنفلونزا الموسمية Flu Vaccine للعام المقبل. ومعلوم أن لقاح الإنفلونزا الموسمية يتجدد في مكوناته لكل عام، وفق الأنواع الرئيسة الثلاثة لفصائل الإنفلونزا التي جرت ملاحظة انتشارها عالميا في الموسم السابق.

ولاحظ التقرير الذي جرى نشره في 6 يونيو (حزيران) الحالي بمجلة «CDC» الأسبوعية للمراضة والوفيات Morbidity and Mortality Weekly Report، أن إنفلونزا الخنازير أصابت بنسبة أعلى فئة الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و64 سنة، وهو ما لم يجر رصد حصوله خلال المواسم الأربعة الماضية للمرضى الذين جرى دخولهم للمستشفيات الأميركية بسبب الإنفلونزا Flu-Related Hospitalizations. وأفاد التقرير أن الأمور كانت ربما ستسوء أكثر، إلى حد الوباء العالمي، لو لم يكن لقاح إنفلونزا الخنازير ضمن مكونات لقاح الموسم الحالي للإنفلونزا.

وعلّق الدكتور مايكل جانغ، الباحث الطبي بقسم الإنفلونزا في «CDC»، بالقول: «في هذا العام لم يحصل لدينا فقط أن اللقاح عمل بشكل جيد، بل أيضا أن ملايين الناس تعرضوا لفيروس H1N1 لإنفلونزا الخنازير. وعلى الرغم من أن فيروس إنفلونزا الخنازير بدأ في الانتشار منذ عام 2009، فإن الموسم الحالي للإنفلونزا شهد أول هيمنة له في الانتشار»، مقارنة مع الفصائل الأخرى للإنفلونزا في المواسم السابقة. واستطرد بالقول إنه على الرغم من هيمنة انتشار إنفلونزا الخنازير من بين أنواع الإنفلونزا، فإن «مناعة القطيع» Herd Immunity حالت دون تطور الوضع إلى حد الجائحة Pandemic أو الوباء العالمي مرة أخرى.

وتعتمد نظرية مناعة القطيع على أنه لو جرى تلقيح عدد كبير وكاف من الناس، فإنه ليس بالضرورة تلقيح الجميع لمنع انتشار العدوى في المجتمع. وحصول الجائحة يتطلب أمرين، الأول سهولة انتقال العدوى الميكروبية من شخص إلى آخر، والثاني ألا تكون هذه العدوى الميكروبية قد انتشرت في السابق كي تتمكن أجسام الناس من صنع المكونات المناعية التي تمنع إصابتهم بهذه العدوى. وأبسط الأمثلة، لدى الأطفال ما دون سن ستة أشهر، وهم الذين لا يُمكن إعطاؤهم اللقاح لأسباب طبية وعلمية عدة، ولكنهم يكونون محميين إذا تلقى البالغون والأطفال الآخرون من حولهم ذلك اللقاح، وتقل بالتالي احتمالات إصابتهم بتلك العدوى.

وفاعلية اللقاح الحالي لإنفلونزا الخنازير Vaccine Effectiveness جرى تحديدها بنسبة 62 في المائة، بينما كانت تلك الفاعلية نحو 48 في المائة في الأعوام السابقة. وموسم «الإنفلونزا» مصطلح يقصد به الفترة الزمنية المتكررة سنويا التي تتميز بانتشار عدوى فيروسات فصائل الإنفلونزا، وهو ما يحصل في الأوقات الباردة من السنة، وعليه يكون في العالم موسمان للإنفلونزا؛ واحد في النصف الشمالي وآخر في النصف الجنوبي. وفي مناطق النصف الشمالي، ولاعتبارات مناخية وجغرافية وديموغرافية وتنوع مواسم أنشطة الحياة اليومية، يختلف موسم الإنفلونزا. وعلى سبيل المثال، الموسم في الولايات المتحدة يكون في ما بين أكتوبر (تشرين الأول) ومايو (أيار)، وذروة نشاطه في فبراير (شباط)، وفي هونغ كونغ يكون بين ديسمبر (كانون الأول) ومارس (آذار)، بينما في أستراليا بين مايو وأكتوبر، ويبلغ ذروته في أغسطس (آب).

ويبدأ الموسم عادة بإصابات طفيفة، ترتفع وتيرتها خلال ثلاثة أسابيع لتصل إلى الذروة، ثم تبدأ بالانخفاض خلال ثلاثة أسابيع أخرى. وما لاحظه تقرير «CDC» الأخير أن «التوقيت» اختلف في هذا الموسم بالولايات المتحدة، حيث بدأ في وقت أبكر قليلا، ذلك أن الذروة كانت تُلاحظ فيما بين يناير (كانون الثاني) وفبراير، ولكنها حصلت قبل ذلك بشهر.

وتعتمد «CDC» على تجميع نتائج إحصائيات المستشفيات الأميركية لعدد الوفيات السنوية للبالغين بالإنفلونزا خلال الموسم السنوي الواحد، وتتراوح الأرقام بين 35 و40 ألف وفاة للبالغين بالولايات المتحدة وحدها بسبب الإنفلونزا في كل عام، على الرغم من توفر لقاح الإنفلونزا الموسمية والجهود الحثيثة للهيئات الصحية بالولايات المتحدة لحثّ الناس بالعموم على تلقي ذاك اللقاح المفيد جدا.

وقالت «CDC» في تقريرها الحالي إن 40 في المائة فقط ممن يجب عليهم تلقي اللقاح قد تلقوه بالفعل. وفي هذا العام، وحتى الأسبوع 22 من موسم الإنفلونزا، بلغت وفيات الأطفال بالإنفلونزا 96 طفلا، مقارنة مع وفاة 348 طفلا في موسم 2009 بسبب إنفلونزا الخنازير تحديدا. هذا، وعلى الرغم من انقضاء فترة الذروة لموسم إنفلونزا هذا العام في الولايات المتحدة، فإن «CDC» تقول في تقريرها الحالي إن نشاط فيروسات الإنفلونزا سيستمر خلال فترة الصيف.

* استشاري باطنية وقلب مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض

[email protected]