فيديو «داعش» وأحداث فرنسا الأخيرة

TT

منذ شهرين، نشرت مجموعة من أعضاء فرنسيين في تنظيم داعش فيديو يدعو المسلمين لتنفيذ هجمات إرهابية على الأراضي الفرنسية، ففي منتصف نوفمبر (تشرين الثاني)، نشرت وسائل الإعلام الخاصة بـ«داعش» مقطع فيديو مدته ثماني دقائق، ظهرت به مجموعة من الفرنسيين الذين يحاربون في الشرق الأوسط. جرى نشر الفيديو من جانب مركز الحياة للإعلام، وظهر في غضون فترة قصيرة من كشف الحكومة الفرنسية هوية مواطنين فرنسيين ظهرا بمقاطع فيديو تخص «داعش» لقطع رؤوس أفراد.

في الواقع، حدوث الهجوم الأخير بعد فترة قصيرة للغاية من نشر الفيديو ربما يكون مجرد مصادفة، لكن بالتأكيد ينبغي أن يكون إحدى النقاط التي يركز عليها التحقيق بشأن الهجوم على «تشارلي إيبدو».

خلال مقطع الفيديو، يقول متشدد فرنسي تم تحديد هويته باعتباره أبو سلمان الفرنسي: «إذا عجزت عن القدوم لسوريا أو العراق، إذن عليك إعلان الولاء من حيث توجدون. نفذوا عمليات داخل فرنسا. ارهبوهم ولا تسمحوا لهم بالنوم عبر بث الخوف والفزع في نفوسهم».

بعد ذلك، طرح بعض النصائح العملية، ملمحا لتوافر أصول تتبع «داعش» بالفعل للمعاونة في شن مثل هذه الهجمات. وقال: «هناك أعتدة وسيارات متاحة وأهداف جاهزة لاستهدافها، حتى السم متوافر، لذا عليكم تسميم المياه والطعام لواحد من أعداء الله على الأقل. اقتلوهم وابصقوا في وجوههم ثم ادهسوهم بسياراتكم».

يحمل الفيديو عنوان «ماذا تنتظرون؟»، وهو متاح عبر «يوتيوب»، ويبدأ بحرق متشددين لجوازات سفرهم الغربية، بينما يشيد الشخص الذي يتولى السرد بصعود «داعش».

ويدعو مقاتل فرنسي آخر يدعى أبو أسامة الفرنسي جميع الفرنسيين المسلمين للسفر لدولة «داعش» الجديدة وحمل السلاح. أما أبو مريم الفرنسي، وهو مقاتل فرنسي ثالث في صفوف «داعش»، فوجه تهديدا مباشرا لوطنه، قائلا: «ما دمتم مستمرين في القصف، فلن تجدوا سلاما». ثم وجه حديثه للمسلمين الفرنسيين بأنهم إذا لم يكن باستطاعتهم الذهاب لميدان القتال، فإنهم ملزمون بتنفيذ هجمات على الأراضي الفرنسية. وقال «إنكم أمرتم بمقاتلة الكافر أينما وجدتموه، فما الذي تنتظرونه؟ ألا ترون ما حولكم؟».

وليست هذه سوى بعض الأمثلة على تنفيذ هجمات بالغرب استجابة لدعوات تطلقها جماعة إرهابية. الشهر الماضي، اجتاح رجل أسترالي مقهى في سيدني واحتجز رهائن. وجاء ذلك في أعقاب ظهور فيديو يخص «داعش» طلب فيه بشكل محدد من الطامحين للانضمام لـ«الجهاد» معاقبة لأستراليا على دعمها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

في أكتوبر الماضي، اقتحم كندي متشدد أعلن ولاءه لـ«داعش» مبنى برلمان أوتاوا وأطلق النار على ضابط من الظهر. وفي نوفمبر، أخبرني وزير العدل الكندي بيتر مكاي بأن الحكومة الكندية واثقة بأن المهاجم استوحى الإلهام من «داعش»، وأنهم يشكون بقوة في وجود صلة بينه وبين التنظيم.

اليوم في واشنطن، يدعو مسؤولون ومشرعون مدركون جيدا لنمط الهجمات ضد أهداف غربية التي تستقي إلهامها من «داعش»، لاتخاذ مزيد من الإجراءات لتناول هذا التهديد المتنامي.

في هذا الصدد، أخبرني السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام اليوم بأن «هذا الوضع يكشف عن مستوى معين من القيادة والسيطرة الذي وصل إليه (داعش) عبر بث الإلهام ومن خلال التنظيم. والتساؤل هنا: هل هذا هجوم قائم على الإلهام أم على سلسلة قيادة وسيطرة؟ إذا كان هذا الهجوم معتمدا على قيادة وسيطرة، فإن هذا يمثل مستوى جديدا من التهديد. وكلما طال أمد بقائهم ومستوى الثراء الذي يحصلون عليه، زاد مستوى التهديد الذي يمثلونه. وعليه، فإن خطط الرئيس أوباما لتدمير (داعش) ليست كافية وينبغي تحديثها».

كما أخبرني السيناتور بوب كوركر، الرئيس الجديد للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، اليوم بأن قدرة «داعش» على تحريض الإرهابيين الغربيين عبر شبكة الإنترنت تعني أن علينا توخي الحذر الشديد بخصوص الحد من قدرة وكالة الأمن الوطني والوكالات الاستخباراتية الأخرى على مراقبة الاتصالات عبر الإنترنت. وقال «بالتأكيد أحترم حقوق الخصوصية، وأرغب في الالتزام بالحقوق الدستورية للأميركيين. في الوقت ذاته فإن هذا الهجوم يكشف السبب وراء ضرورة أن نعمل على ضمان امتلاك وكالة الأمن الوطني للأدوات اللازمة لمنع مثل هذه النشاطات هنا. وهذا يتطلب منا نحن، رمز العالم الغربي، تعزيز جهودنا في وقت تزيد فيه التقنيات الحديثة من قدرة الناس على تنفيذ مثل هذا النمط من الهجمات».

* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»