المرأة السعودية بعد توقيع الاتفاقية

TT

حتى بعد ان انضمت السعودية الى مجموعة الدول الموقعة على الاتفاقية الدولية لمحاربة جميع اشكال التمييز ضد المرأة فانها ستظل هدفا مفضلا لمنتقديها في هذا المجال.

الغربيون لن يتوقفوا عن وصفها بانها اكثر دول العالم ـ على الاطلاق ـ اضطهادا للمرأة، والسعوديون بدورهم لن يتراجعوا عن رفض التهمة لاسباب مختلفة دينية واجتماعية. نعرف انه حتى بعد ان كسبت السعودية رضا الامم المتحدة فلن ترضي نقادها خاصة انها اشترطت لانضمامها الا تلزم بما يخالف الشريعة الاسلامية وسجلت تحفظات اخرى قرنتها بتوقيعها.

في تصوري إنه صعب اقناع النقاد الغربيين، وتحديدا المنظمات النسائية. فهي تطالع المجتمعات الاخرى بنفس العين التي تنطر بها الى مجتمعها، وفي هذا تبسيط للفوارق الاجتماعية والسياسية. ومن عايش معايشة مباشرة مجتمعين مختلفين سيدرك عن وعي وتجربة انه من غير الممكن منطقيا ولا عمليا فرض نموذج حياة مجتمع على اخر. وهذا لا يمنع ان نقول ان مسار المرأة السعودية في مجال دراسات الكومبيوتر والهندسة مثلا متعثر، لكن يجب ان يقال في المقابل انها اكثر النساء العربيات نجاحا في ميدان التجارة، كما ان الحكومة السعودية هي اكثر حكومات المنطقة انفاقا على تعليم المرأة في الداخل وكذلك في الخارج حيث تم ويتم تدريس آلاف الفتيات في الجامعات العالمية المرموقة. وهذا يعني ان هناك تطوراً تدريجياً حقيقياً لا تجميلياً او دعائياً.

وكخطوة ثانية، بعد توقيع السعودية على الاتفاقية، يتطلب منها ان تبحث في تطوير التعليم وتوسيع مجالات التوظيف ونحوه، وكذلك مراجعة الانظمة التي قد تعطل باستمرارها في التمييز كل هذا التعليم والرعاية. واضرب مثلين على رأيي لتوضيح الفكرة. ففي اليوم ذاته الذي قرأت فيه خبر الانضمام للاتفاقية قرأت ايضا خبرا آخر فيه تمييز ضدها. فقد اصدرت «الاتصالات»، وهي شركة حكومية بالكامل، قرارا بالا تباع خدمة الهاتف الثابت او الجوال للمرأة الا عبر كفيل من احد محارمها او ان تقدم خطابا من جهة عملها ان كانت موظفة.

وهنا لا بد للمرء من ان يتساءل لماذا يتم التمييز عند بيع هاتف بين رجل وامرأة؟ هذه خدمة تجارية يفترض ان تقدم لمن يدفع ثمنها بغض النظر عن جنسه ومن يعجز عن تسديد الثمن تقطع عنه او عنها الخدمة. ايضا قرأت موضوعا في صحيفة الرياض ذكر كاتبه ان المعاش التقاعدي للموظفة المتوفاة يتوقف بخلاف الرجل، ورأي كاتبه صحيح في انه يفترض ان لورثة المرأة الموظفة نفس الحق الذي لورثة الرجل الموظف. هناك زوايا مثل هذه تستحق المراجعة والتصحيح من أجل تحسين وضع المرأة الذي هو في نهاية الامر في صالح المجتمع كله الذي تناصف فيه المرأة الرجل عددا.