محاربة مثيري الفتنة

TT

ان محركي الفتنة هم اعظم خطرا من مرتكبيها، هذه دعوة يطلقها محاربو العنصرية في الولايات المتحدة الاميركية وكلهم أمل هذه المرة ان يصيبوا مقتلا في الجماعات المعادية للاعراق الاخرى. فطوال السنوات الماضية بعثت المحاكم بالعديد من معتنقي الفكر العنصري الى السجون بعد ارتكابهم جرائم قبيحة، لكن نادرا ما عوقب او قبض على زعمائهم رغم انهم يعملون في وضح النهار ويدعون للحرب على كل من هو غير ابيض. فالقانون، تحت بند حرية التعبير، في نصه لا يعاقب على القول. بدورهم محاربو العنصرية والعنصريين يعرفون جيدا انه اذا ارادو القضاء على مفاهيم التفوق العرقي ودعوات الحقد فلا فائدة من ملاحقة ومعاقبة الافراد الذين يرتكبون الجرائم العنصرية. فهؤلاء انفسهم ضحايا لدعوات زعماء التنظيمات الذين يقودونهم كالنعاج الى ارتكاب الجرائم باسم الدفاع عن حقوقهم.

رؤوس الفتنة هم الذين ينظمون ويحرضون ويقودون هؤلاء العميان الى دروب القتال في حرب وهمية، حيث يتم اقناعهم بأن هناك مؤامرة تستهدفهم وبأن هناك حرباً ضروساً ضدهم.

طوال القرن الماضي لم ينجح المجتمع الاميركي في القضاء على المعتقدات العنصرية التي تقول بتفوق العرق الابيض رغم انه تم القضاء على الكثير من الامراض الاجتماعية والسياسية والاوبئة الحقيقية. وكم كان مثيرا للاستغراب دائما ان الدولة التي قادت العالم لالغاء الرق وتعميم معاني المساواة في نظر القانون والحريات في المجتمع ظلت عاجزة عن منع مرضى العنصرية من اقامة تنظيماتهم ونشر امراضهم، لأن القانون يحميهم وهو نفس القانون الذي يعاقب على الاعتداء على الاخرين، الفكر العنصري ضد الآخرين اعظم اضرارا بالمجتمع من حوادث القتل الفردية لانه قتل جماعي من خلال الفكر الذي يبث لتحقير عرق فقط بسبب اصله او لونه.

ويعجب المتابعون للشؤون الاميركية كيف عجز المشرعون عن تحريم التنظيمات العنصرية رغم ثبوت خطرها وكونها وراء الاعتداءات المستمرة. ولم يعد امام المتضررين سوى ملاحقة العنصريين فقط بعد ارتكاب الجرائم وليس قبلها. مجلة «النيوزويك» اوردت تقريرا عن سعي المهتمين بمحاربة العنصرية الى ضربهم في العمق اي الى تغيير القانون الذي يسمح باسم الحرية ان تقام تنظيمات لدعاة الحقد. ومعظم الذين يحاولون محاربة العنصريين هم اناس نذروا انفسهم لهذه المهمة التي يواجهون بسببها مخاطر جمة، خاصة ان معظم القضايا تحدث في مناطق فقيرة في الولايات المتحدة. والمهمة الكبيرة في مشروع محاربة العنصرية هو اقناع القضاء بان التحريض على الفتنة جريمة يعاقب عليها القانون. فالمشكلة دائما هي في المحرضين وليست في الاتباع الذين هم ضحايا لافكار خبيثة من طلاب زعامات اعتادوا على تحريك الجماهير.