سباق البيت الأبيض عند منعطفه الأخير

TT

هل دخل سباق الانتخابات الرئاسية الاميركية منعطفه الحاسم.. ام اننا موعودون بهزات تعيد إرباك الصورة وطرح علامات الاستفهام؟

لقد تخلّف المرشح الديمقراطي، الذي هو نائب الرئيس الحالي آل غور، عن منافسه الجمهوري جورج ووكر بوش (او جورج بوش «الإبن») طوال عمر الحملة الانتخابية حتى نهاية مؤتمر الحزب الديمقراطي. والحقيقة فانه حتى كبار المتفائلين في صفوف الديمقراطيين كانوا يأملون من مؤتمرهم فقط تقليص الفارق الكبير في استطلاعات الرأي لصالح بوش، وان يوفر لغور دعم بسيط يكفي لتجاوز منافسه.

ولكن ما تفيدنا به الارقام الآن ان غور نفض عنه غبار شخصيته الباهتة المضجرة وشق طريقه نحو الصدارة مبتعداً بفارق يقارب العشر نقاط مئوية. وهذه نسبة اذا حافظ عليها ستضمن له انتصارا ضخما... ومن يدري؟

فقد تتيح له حمل مزيد من المريدين والأنصار في معارك مجلسي الشيوخ والنواب الى منصات الفوز.

ولمتابعي السياسة الاميركية تترجم هذه الحالة بـ«coat tails». اي ان يتعلق المرشحون للكونجرس ولمناصب الحكام «بأطراف ثوب» المرشح الرئاسي المحبوب... فيحملهم معه الى النصر بفضله... لا بفضل مميزاتهم او شعبياتهم الخاصة. وهذا بالضبط ما حصل مع رونالد ريجان في فوزه الرئاسي الاول عام 1980، وحصل ايضاً مع ريتشارد نيكسون عندما اكتسح اولاً هيوبرت همفري عام 1968 وجورج ماكجفرن عام 1972. وللتذكير، كان احد ضحايا «Coat tails» نيكسون في تلك الأيام الخوالي السناتور ألبرت غور «الأب»، الذي استهدفه نيكسون مع بعض الليبراليين الديمقراطين ونجح بإسقاطه.

جاذبية غور المحدودة قد لا تكون كافية لإحداث هزّة تقلب موازين مجلسي الكونجرس لصالح الديمقراطيين. بل قد لا تضمن فوز غور خلال الاسابيع القليلة المتبقية من عمر الحملة اذا وقع ما ليس في الحسبان... وتكشّفت عنه فضائح نائمة.

ولكن ما يمكن قوله الآن انه ـ بالضبط ما لم يقع ما ليس في الحسبان ـ تسير المعركة الانتخابية بوتيرة مستقرة يسعى خلالها المرشحان الى تفادي المطبّات، وفتح قنوات اتصال اعلامية، وكشف ما يمكن كشفه من مواطن الجذب ـ على قلتها ـ في برامج «الدردشات» التلفزيونية الشعبية.

فقد كان مفهوماً في اوساط الناشطين الديمقراطيين والجمهوريين ان «الكاريزما» تتذيل قائمة مؤهلات كل من غور وبوش.

بل ان احد الناشطين الديمقراطيين المتحدرين من اصل عربي قال لي قبل سنة، عندما اخذت تتوضح معالم المعركة وبدا ان بوش سيكون المرشح الأقوى للجمهوريين «لا تستغرب ابداً اذا أخفق غور وبوش في بلوغ يوم الانتخابات ... فهما مرشحان قليلا الجاذبية، وقد تتعثر بهما الخطى على امتداد المعارك التمهيدية».

طبعاً لم يصدق تخمين هذا الناشط، ولكن لبضعة اسباب ابرزها ان المرشحين وان كانا قليلي الجاذبية... فهما قليلا الاخطاء ايضاً. ثم ان «مؤسستي» الحزبين والقوى المؤثرة داخل كل منهما وقفتا معهما بقوة وهمّشتا شهراً بعد شهر كل من سوّلت له نفسه الترشح ضدهما.

وهكذا، رغم جرأة السناتور جون ماكين وديناميكيته، انتهى تحديه لبوش بهزيمة مشرفة. ورغم صراحة السناتور السابق بيل برادلي وسمعته الطيبة القديمة بين ذوي الذاكرة القوية من انصار الرياضة والرياضيين ـ وهو نجم كرة السلة المرموق ـ وجدناه يترنّح ويسقط امام اندفاع «ماكينة» غور الانتخابية.

اكثر من هذا، حتى اولئك الذين وجدوا مجالاً لفتح باب الاعتراض وكسر احتكار «المؤسستين» الحزبيتين، الديمقراطية والجمهورية للسلطة، مرشحون الآن لالغاء احدهم الآخر.

فعلى يسار الحزب الديمقراطي نجد «محامي المستهلك» رالف نادر، الذي قرر خوض المعركة الرئاسية مرشحاً لـ«حزب الخضر». وهو بلا شك سيسلب غور العديد من الاصوات في مختلف الولايات المتحدة.

ولكن في المقابل هناك «حزب الاصلاح» الذي اسسه هنري روس بيرو، و«صادره» لاحقاً بات بيوكانان، المرشح اليميني المتشدد. والشيء الأكيد ان الاصوات التي سيكسبها بيوكانان سيأخذها من قاعدة بوش في معسكر اليمين.

بطبيعة الحال الكثير سيتوقف على عدد الاصوات التي ستذهب الى نادر وبيوكانان وفي اي ولايات. فكما هو معروف للولايات الاميركية «اوزان» سياسية متفاوتة. وسيكون في رأس اولويات غور وبوش كسب الولايات الكبرى الضخمة انتخابياً، وهي: كاليفورنيا ونيويورك وتكساس وفلوريدا وبنسلفانيا وايلينوي واوهايو وميشيغن، ثم فيرجينيا ونورث كارولينا وجورجيا وانديانا وويسكونسن ونيوجيرزي.

وحسب المؤشرات هناك اغلبية واضحة في بعض هذه الولايات لأحد المرشحين على منافسه، ولكن من الجائز القول ان معظم الولايات الاخرى «ساحات مفتوحة». وفي بعض الولايات الساحة قد تكون مفتوحة الى درجة يمكن ان تؤثر معها نسبة الأصوات الذاهبة الى نادر وبيوكانان.