اللاجئون بأهمية القدس

TT

اثبت الرئيس ياسر عرفات صمودا وثباتا عظيمين في وجه الضغوط الاميركية والاسرائيلية في «معتقل» كامب ديفيد اولا ونيويورك ثانيا. تلك الضغوط التي استهدفت فرض التنازلات عليه بشأن السيادة الفلسطينية، لا على القدس فحسب بل مجمل القضايا العالقة.

والامل كبير جدا في ان يبقى الرئيس عرفات على صموده وثباته في هذه القضية وكل القضايا التي تخص السيادة والحقوق الفلسطينية. فخيار السلام لا يمكن ان يكون على حساب الحق الفلسطيني في اي من قضايا اللاجئين والمستوطنات والمياه والسيادة على المعابر والارض وما فوقها وما تحتها.

فالسيادة الدينية والسياسية، على القدس بما فيها البلدة القديمة التي تحتضن بين جنباتها الحرم القدسي الشريف (المسجد الاقصى وقبة الصخرة) وكنيسة القيامة، وتاريخها يعود الى آلاف السنين، مسألة غير قابلة للنقاش، لقداسة هذه المدينة ورمزيتها واهميتها المعنوية والتاريخية والاقتصادية.

لكن ازمة القدس، رغم ما تقدم، يجب ألاَّ تُحل على حساب اي من القضايا الاخرى، فتدفعنا حساسيتها الدينية لتقديم التنازلات في القضايا الاخرى. فحق اللاجئين، الذين يزيد عددهم على 5 ملايين، بالعودة الى ديارهم ومدنهم التي طردوا منها عام 1948، وحقهم في التعويض عن عشرات السنين من المعاناة والحرمان والظلم الذي لحق بهم، هو حق لا يقل قدسية عن القدس.

غير ان ما يتسرب من معلومات لا يبشر بخير. فالحديث يجري الآن عن مقايضة سياسية بهذا الحق مقابل ما يسمى تنازلات اسرائيلية هنا وهناك، مثل الاعتراف بالدولة الفلسطينية وغيرها. ويجري الحديث ايضا عن تقليص حق العودة الى مجرد عودة رمزية لبضع مئات في السنة ولاسباب انسانية تتعلق بلم الشمل لا بحق تقره الشرعية الدولية، متمثلة بالقرار 194. وثمة حديث عن عودة سياسية للوطن الفلسطيني، لفئة معينة من اللاجئين هم لاجئو لبنان الذين يشكلون نقطة الانفجار. وتفيد المعلومات في هذه القضية ان خطوات عملية تتخذ لتوطين غالبية هؤلاء اللاجئين في منطقة طوباس بمحافظة نابلس المتاخمة لغور الاردن. والحال كذلك بالنسبة لقضايا الحدود والمستوطنات. فكلها قضايا توازي باهميتها قضيتي القدس واللاجئين. فلا بد من تفكيك وازالة جميع المستوطنات سواء في غزة او الضفة. فالاسرائيليون يصرون على بقاء بعض الكتل الاستيطانية حتى تكون مسمار جحا في المستقبل.

واما قضية المياه فهي تفوق باهميتها كل القضايا، فهي عصب الحياة بالنسبة لاي شعب، ولا استقلال لشعب من دون سيادته على مياهه الجوفية. وشحة المياه في المنطقة تضاعف من اهمية هذه القضية، فازمة المياه ستكون المسبب الرئيسي لحروب المستقبل. واما في ما يخص الحدود والمعابر، فاي دولة تلك التي لا سيادة لها على حدودها ومعابرها واجوائها ومياهها الاقليمية؟

خلاصة القول ان الفلسطينيين مطالبون باليقظة حتى لا توقعهم اسرائيل في حبال مناوراتها في موضوع الحرم القدسي، وتدفعهم الى تقديم التنازلات في اي من تلك القضايا، فذلك جريمة. وهذا اقل ما يمكن ان توصف بها. والتاريخ لن يرحم ولن يصفح.