خطورة الإخلال بالتعهدات

TT

لم يكد حبر اتفاق شرم الشيخ يجف الا وبدأت مؤشرات الاخلال الاسرائيلي بالتعهدات، وهو المنهج الذي اتبعته الادارة الاسرائيلية في عهودها المختلفة. فبالأمس قتل مستوطنون يهود فلسطينيا بالقرب من نابلس في شمال الضفة الغربية، بينما ادى اشتباك آخر بدأه المستوطنون الى جرح فلسطينيين بينهما شرطي. ليس هذا فقط، بل افادت وكالات الانباء امس ان كتابات بالعبرية ظهرت على باب احد المتاجر وعلى حائط بالقرب من مسجد في الخليل تتهجم على النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، وذيلت بالنجمة السداسية، مما يعيد الى الذاكرة قصة المتطرفة اليهودية التي وضعت ملصقات في الخليل تتهجم على الرسول عليه السلام. باختصار، لم ينتظر المتطرفون الاسرائيليون حتى تهدئ اتفاقية شرم الشيخ الاحوال، بل تعمدوا افشالها في اسرع وقت. ومهما يكن من امر فان عدوان المتطرفين اليهود على المقدسات الاسلامية ليس جديدا وهو مسؤول عن الكثير من ردود الفعل العربية التي ادت الى اشعال الموقف. هذا على الرغم من ان الفلسطينيين لم يرتكبوا مثل هذه الجرائم في حق احد من اليهود، مما يكشف العنصرية المتطرفة وسيادة ثقافة التعصب والعنصرية في المجتمع الاسرائيلي. ان العداء للسلام اخذ يتجلى اكثر واكثر في صفوف الاسرائيليين، وليس فقط لدى الشخص البسيط المغلق التفكير، بل ايضا لدى بعض قياداتهم، مثل ارييل شارون الذي يقود تكتل الليكود ويعارض السلام صراحة ويرتكب نفس الحماقة التي يرتكبها كل من يعاني من هوس الانغلاق والتعصب ويمتلئ قلبه بحقد دفين.

لقد زرعت اسرائيل المستوطنات اليهودية في قلب الاحياء العربية وهي تعرف تماما أنها في الواقع تزرع قنابل موقوتة، ربما بغرض تفجيرها عند اللزوم. وحوادث القتل والاشتباكات حدثت في مستوطنة لا يزيد عدد افرادها عن اربعمائة شخص يعيشون وسط مائة وعشرين الف فلسطيني. ومن المؤكد ان تكرار التهجم على الرسول صلى الله عليه وسلم هو نتاج طبيعي لثقافة متعصبة وعنصرية لا تعرف التسامح. والغريب فى الامر ان وزير الخارجية الاسرائيلي بالوكالة، شلومو بن عامي، يتجاوز كل هذه الحوادث ويتناساها فيتهم السلطة الفلسطينية بأنها تطبق اتفاق شرم الشيخ «بطريقة مريبة». صحيح ان تحقيق السلام ليس سهلا، ولكن اذا كانت الحكومة الاسرائيلية جادة حقا في نية تحقيقه فان عليها ان تمتلك قدرا كافيا من الشجاعة في مواجهة كل الجرائم التي ترتكب بغرض قتل عملية السلام، وهو الامر الذي لم تظهر آثاره حتى الآن.