بن لادن في كازاخستان

TT

المفاجأة في استانة، عاصمة كازاخستان، اننا عثرنا على بن لادن الذي سبقنا الى هناك. جاء خصيصا لاستقبال الأمير سلطان بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع السعودي. ولا اعني به اسامة افغانستان، الملاحق دوليا، بل اخوه بكر، رجل الاعمال المعروف ممثلا لشركة الانشاءات العملاقة التي وجدنا نشاطاتها وصلت حتى ماليزيا.

مهمة بن لادن في استانة اكبر مما كنا نتصور فلم يكن زائرا وحسب بل المسؤول الاول عن تخطيط العاصمة الجديدة. جاء من جدة الى هنا استجابة لدعوة الأمير الذي حث رجال الاعمال على فتح منافذ جديدة في كازاخستان وتأسيس علاقات اخرى موازية للرسمية بين البلدين.

ولا شك ان رجال الاعمال مثله عندما يأتون الى مثل هذه المدينة القاحلة يأتونها مغامرين متسلحين بتجاربهم القديمة، وأكبرها تجربتهم في بلدهم التي صنعتهم امبراطورية كبيرة في عالم الانشاءات. وطبيعة الصفقة التي حصل عليها بن لادن من الحكومة الكازاخستانية، ذات الموارد المالية الفقيرة، مقايضة تخطيط المدينة لقاء اراض تمنح له يستفيد في تعميرها. المدينة صغيرة اليوم، يسكنها اقل من ربع مليون نسمة وعمرها عامان فقط كعاصمة للجمهورية الجديدة، لكن يتوقع لها مستقبل يبشر بازدهار قد يماثل المدن السعودية ابان السبعينات والثمانينات. فالحكومة حاليا في مرحلة انتقال الى استانة التي اختارتها عمدا في وسط البلاد ابتعادا عن الفتن السياسية وتخلصا من تركة المدينة القديمة.

وفي التجربة الكازاخستانية مخاطر لا يستهان بها تواجه رجل الاعمال الاجنبي. وهي ليست بالضرورة مخاطر سياسية، بل ادارية بيرواقراطية وخدماتية اساسية. فالبلاد لا تزال بلا موارد مالية كبيرة يمكن ان تمول نشاطاتها الاقتصادية الموعودة رغم انها تجلس على موارد غنية جداً، فانصراف الحكومة حاليا هو نحو تمويل الخدمات العامة التي لا تنتج اقتصاديا لكنها تعتبر ضرورية مثل بناء مستشفى ومدرسة وطريق وفندق ودار حكومة وغيرها. هذه كلها مساكن لا مصادر دخل جديدة، في حين ان جواهر البلاد ولآلئها موجودة في مناجمها النفطية والمعدنية الثمينة، تلك التي تطالعها الشركات الدولية باهتمام خاص. ولو توجه المستثمرون نحو هذه القطاعات فسيؤمنون لأنفسهم ولضيوفهم مستقبلا كبيرا. ونظرا لفقدان البلاد البنية التحتية سيصعب البدء في اي مشروع كبير. لكن يكفي ان يعرف الجميع ان كازاخستان بلد لها مستقبل واعد من دون ان يدري احد كيف ومتى يحدث؟

ومعظم المستثمرين في الخارج يفتقدون الى تشجيع وحماية حكوماتنا التي تعتقد ان واجبها مقصور على خدمة من في الداخل، حين تستمد معظم الدول الكبرى قوتها من نشاطات شركاتها لا من سفاراتها. واصطحاب رجال الاعمال في الزيارات الرسمية فتح الباب لجس نبض قوى الدولة التي ليست مجرد حكومة بل فعاليات البلاد كلها. هؤلاء يمكن ان يشاركوا بالرأي والعمل بعد ان صاروا مرتبطين بها وصار لهم وجود مهم على الارض.