سؤال النهضة الدائم

TT

اوشكت ان أظن ان الاهتمام بتقصي اسباب انتكاسة النهضة العربية من المسائل المنقرضة، فمن لا يريد نهضة جديدة مقبلة لا تهمه انتكاسة النهضة الماضية، لكن بعض ردود الأفعال حول المقال الخاص بشخصية الخديوي اسماعيل الذي وضع المسمار الحقيقي في نعش النهضة السالفة سيجعلني ـ وربما غيري ـ يعيدون النظر في ما ظنوه من مخلفات تاريخ الأفكار التي لا تستحق وقفات مستقلة، فإذا بالمسألة لا تزال فاعلة وشبه معاصرة بدليل الأفكار الواردة في عدة رسائل منها الرسالة التالية:

الأخ الدكتور...

قرأت ما كتبتموه في «الشرق الأوسط» يوم الرابع عشر من رمضان وكنت اتمنى لو كنتم اكثر انصافاً وحيادية مما ظهر في مقالتكم، المعنونة بـ «تركة اسماعيل بيه» حيث تحدثتم عن فساد الخديوي اسماعيل عندما كان يحكم مصر، ورأيتم، ان سياسته الخرقاء كبدت الحكومة المصرية ديوناً كبيرة، وان معظم ثروته من الرشاوى والعمولات، إلى آخر ما جاء بقلمكم.. ونحن بدورنا نتساءل عما إذا كان اللاذقاني يرى ان الوطن العربي في الوقت الحاضر يعيش عصر النزاهة والعفة، وإنه في حالة متناقضة مع ما كانت مصر عليه في عصر الخديوي اسماعيل؟!

** إن الواقع يصور الوطن العربي على أنه بقرة مريضة، وأن الحكومات العربية تحيط بها حاملة سكاكين حادة تعملها في جسدها المنهك لتفوز كل واحدة بـ «هبرة» لا تكفي لوجبة واحدة فحسب، وإنما يمكن تجزئتها على المدى الطويل، وقد غدا العرب اضحوكة الامم المتحضرة التي تعاملهم على ضوء تصرفاتهم فلا تلتفت لارائهم ولا تأبه لمواقفهم، بل إنهم يرون السفه هو سمة هذه المواقف، ومن هنا جاء تصريح كوهن وزير الدفاع الأميركي بان على الدول العربية التي قلصت تمثيلها مع اسرائيل أن تعيد التمثيل الدبلوماسي والتجاري على ما كان عليه وفي أقرب وقت ممكن بحيث بدت كلماته وكأنه وصي على العرب!!!

** إن من حسن حظ الخديوي اسماعيل، ان حماقاته التي لا يقرها الاسوياء، حدثت في زمن ما قبل ثورة الاتصالات.. اما ما يحدث اليوم فانه مفضوح.. مفضوح.. مفضوح.. ولعل هذا هو الذي جعل اللاذقاني يتجاوزه على طريقة «المعرف لا يعرف».. ونأمل ان لا يكون ذلك هروباً على طريقة النعام.

* محمد أحمد الغامدي هروب نعم ولكن ليس على طريقة النعام انما على طريقة كاتب تمرس بالمسموح والممنوع ويتحرق لقول كل ما يعرف، فترده قيود وسدود وحدود، وما علينا فقصة الرقيب والكاتب ستحسمها التكنولوجيا لصالح الثاني وهذه جائزة طيبة لكتاب المنطقة العربية الذين ينتظرون نسمات الحرية منذ اختراع الكتابة المسمارية وكلما ظنوها اقتربت تزداد ابتعاداً.

ان درس انتكاسة النهضة الماضية شديد القسوة خصوصاً حين نقارن أنفسنا مع اليابان التي بدأت تتحرك وتتململ بالتزامن مع منطقتنا، وكي لا يتكرر ما حدث لا بد ان نتذكر قبل الاستفادة من الفكر الغربي مأثوراتنا العربية والإسلامية التي تؤكد ان اللّه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..

فهل نحن فاعلون؟ هذا هو سؤال النهضة الحقيقي في عصرنا ومختلف العصور.