قمة الاتكال على النفس

TT

إن جاز ادراج مقررات القمة الحادية والعشرين لدول مجلس التعاون الخليجي الاخيرة في المنامة تحت عنوان واحد لكان هذا العنوان «قمة الاتكال على النفس». قد يكون الغزو العراقي للكويت، قبل عقد من الزمن، العامل الاساسي في ابراز اهمية وجود غطاء دفاعي مشترك لدول مجلس التعاون الخليجي، ولكن الاهمية الاستراتيجية والاقتصادية والنفطية لدول مجلس التعاون تفرض، بحد ذاتها، رفع القدرات الدفاعية لدولها بحيث تتمكن، بطاقاتها الذاتية، من مواجهة التحديات الراهنة لاستقرارها ومن ردع اي تهديد محتمل لسلامها.

من هنا تأتي اهمية دعوة الامير عبد الله بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني، الى بلورة «استراتيجية خليجية بعيدة المدى» لتشكل الاساس والمرجعية في العلاقات والمفاوضات الخليجية مع جميع الدول والتكتلات الاقليمية والمنظمات الدولية، ولكي تكون «قوة تفاوضية جماعية» تدعم الموقع التفاوضي لدول المجلس، عند الحاجة.

يصعب، في ضوء المعطيات الاقليمية والدولية الراهنة، التقليل من اهمية صياغة استراتيجية خليجية موحدة وبعيدة المدى تستوجب تشكيل قوة انتشار سريع، فمنطقة الخليج ما زالت تواجه تنافسات اقليمية ودولية على مواقع النفوذ فيها قد تؤدي الى إعادة ترتيب موازين القوى في المنطقة، الامر الذي يتطلب حضورا سياسيا واستراتيجيا ملموسا للمفاوض الخليجي يستند الى قاعدة صلبة، والى استعداد دائم لمواجهة التهديد بالسرعة التي يفرضها التطور التكنولوجي العسكري والتقدم اللوجيستي بشكل خاص.

غني عن التذكير بأنه سبق لدول مجلس التعاون أن ارست القاعدة الاساسية لقوة الردع الخليجية في ما يعرف بقوة «درع الجزيرة». وقد تكون بداية بلورة الاستراتيجية الخليجية المشتركة في توسيع هذه القوة وتجهيزها بانظمة الانذار المبكر وانظمة الاتصالات المتقدمة.

مع ذلك، تبقى ضمانة فعالية الاستراتيجية الخليجية الموحدة رهينة وحدة الجبهة السياسية لدولها، وفي هذا الاطار تأخذ ملاحظة الامير عبد الله اهميتها الواقعية في قمة المنامة، بانه «لا بد من الالتزام الكامل بسياسات واحدة» لكي تكون الجبهة الخليجية العسكرية الموحدة «فاعلة ومؤثرة». وقد يكون تحقيق هذا الهدف بالذات التحدي الحقيقي لبلوغ دول مجلس التعاون مرحلة القرار الخليجي الواحد على كل الاصعدة التي تفرضها ـ وتفترضها ـ تحديات الحاضر والمستقبل.