الوحدة ـ اقتصاد أولا

TT

لم تعد تهم المواطن الخليجي قراءة البيانات السياسية الصادرة عن مؤتمرات القمة لقادة دول مجلس التعاون الخليجي، فالتاريخ العربي المعاصر اثبت بما لا يدعو مجالا للشك، ان البيانات السياسية لا تخلق وحدة، ولا تنجز مشروعا، ولا تطعم جائعا، ولا تعالج مريضا، بل هي كلام مكرر لا قيمة له، ينتهي بمجرد صدوره.

ما يُفرح في قمة البحرين هو الانجاز الاقتصادي وإن كان متواضعا، فانجاز صغير على الجبهة الاقتصادية هو خير ألف مرة من كلام سياسي كبير لا يسمن ولا يغني من جوع.

عندما تتحدث القمة عن توحيد سعر الصرف وتضع تاريخا محددا لذلك، وعندما تقر تملَك العقارات في جانبها الاستثماري، وعندما تعجل تطبيق التعرفة الجمركية الموحدة عام 2003 بدلا من عام 2005 كما كان مقررا، وعندما تتقدم لغة الاقتصاد على لغة السياسة نشعر بالامل في المستقبل، والامل في تغيير النهج والاداء والسلوك.

الجانب السياسي واضح فلا خلاف على دعم الانتفاضة، ولا خلاف على دعوة ايران للتفاهم في قضية الجزر، ولا خلاف حول الوضع في العراق، لسبب بسيط وهو انه لا جديد في بغداد، فما زالت لغة الشتيمة للسعودية والكويت. وما زال حديث الشعارات الفارغة على حساب المنطق والمسؤولية الاخلاقية شعارا لحكام بغداد.

اذا اردتم توحيد الخليج فوحدوا الاسواق، وحدوا مصالح الناس، اشركوا الناس في اتخاذ القرار، أوجدوا شبكة اتصالات ومواصلات تنقل البشر والبضائع، ألغوا التعقيدات في مراكز الحدود، او ألغوها برمتها، انجزوا مشروع البطاقة الموحدة تسهيلا للانتقال، واخلقوا سياسة موحدة لشراء السلاح ولبيع المنتجات، وخاصة النفطية والبتروكيماوية ولشراء الادوية.

تجربة العرب مع الوحدة مريرة لانها بدأت بالشعارات وانتهت بالشعارات، ومشكلتنا مع العصر اننا نريد تسييس كل شيء، واننا نرفع شعار «إما كل شيء او لا شيء». وكانت النتيجة كارثة وتشرذما وحروبا اهلية وجنونا.. المطلوب ان نتعلم من تجربتنا، ومن تجارب غيرنا من الامم المتحضرة التي عرفت كيف تتوحد.