منتدى إعلامي ـ ميديالوجيا

TT

الحركة الاعلامية في الوطن العربي ولدت مرتجلة، وكأنها تعمل على سد الثغرات فقط، وبسبب هذا الارتجال اخذت تحذو حذو ما سبقها في هذا المضمار، فلم تؤسس لنفسها اعلاما اصيلا منبثقا من مقتضيات حال ظروفها الموضوعية ـ كما انبثق الشعر مثلا ـ.

نعم.. واقع الحال يؤكد ان الاعلام العربي لم يرتكز ـ حتى في تقليده للآخرين ـ على منهج علمي، رغم وجود كليات للاعلام واقسام له في الجامعات.

ما السبيل إذن للسير على النهج السليم؟! الاجابة هي «ميديالوجيا» فكلمة تكنولوجيا ولدت سنة (1666) على لسان كاتب ألماني اسمه (بيكمان)، وكلمة بيولوجيا ظهرت سنة (1802) للعالم لامارك استخدمها في كتابة خطاب له عن الاحياء البيولوجية. فلِمَ لا يستخدم العرب مصطلح «ميديالوجيا» أي : علم الاعلام الذي ستكون مادته العلمية اساسها هذه المفردات: «لغة»، «منطق»، «فلسفة»، «تاريخ»، «أدب»، «علم نفس»، «اقتصاد»، «علوم»... الخ... هذا من ناحية.. ومن الناحية الأخرى يكون الاهتمام بالمفردات التالية:

«مسرح»، «راديو»، «شاشة سينما»، «تحويل كهربائي»، «شاشة تلفزيون»، «ورق»، «قماش»، «شرائط ممغنطة»،.. الخ... الخ. بل حتى اعضاء الجسد كالحنجرة والاحبال الصوتية، ناهيك من الاشكال العامة للاتصالات الشفوية والمكتوبة والمطبوعة والسماعية والبصرية والمعلوماتية لتمتزج الفيزياء الاجتماعية بالفيزياء الاخلاقية، ليصب كل ذلك في مسارات الوعي الاجتماعي.

عندما نخطو في «الميديالوجيا» خطوتنا الاولى ستسهل علينا رحلة الألف ميل التي ستأخذنا نحو اعلام يرتقي بأذواق المتلقين، وهذا يقتضي من رحلتنا ان تكون مبنية على اساس علمي اولى دعائمه القضاء على معظم ما هو سائد الآن في اعلامنا المقروء والمسموع والمرئي والذي بسببه تأسس لدينا فساد في الذوق الفني تكرس بفعل الجهل الاعلامي المتراكم حتى غدا افساد الذوق وكأنه القاعدة... بيد ان كل ما هو جميل غدا وكأنه شاذ، فكلمات الاغاني معظمها ساقطة، والالحان عبارة عن «خشخشة»، والاصوات ليست سوى «تجعير»... هذا على صعيد الغناء.. أما الاذاعة والسينما والتلفزيون.. فالطامة كبرى!! والكارثة التي ما بعدها كارثة، ما نشاهده عبر التلفزيونات من برامج تحت مسميات مختلفة، ولكنها جميعا تصب في اتجاه واحد وهو المقابلات واللقاءات والحوارات، فهذه كلها لا تخضع الى أبسط قواعد الذوق، بل انها اساءت الى أبسط قواعد الديموقراطية، باعتبارها تدور أو تحدث في جوٍ ديموقراطي.

مرة أخرى.. اقول: ما احوجنا الى «ميديالوجيا»!