مواطنوكم هاربون في كل اتجاه

TT

بلغ الحال السيئ بمنطقتنا درجة ان معسكرات الاحتجاز في انحاء العالم اصبحت تغص باللاجئين وطلاب الهجرة العرب في انحاء العالم. عرب هاربون من الظلم وعرب هاربون من ضنك المعيشة وعرب مطرودون من اراضيهم. عراقيون وفلسطينيون وجزائريون ومغاربة وسودانيون وصوماليون وغيرهم بالملايين يهيمون على وجوههم في انحاء العالم. واحداث استراليا الاخيرة وصمة في جبيننا جميعا حيث يحبس اللاجئون، واغلبيتهم عرب، من قبل السلطات هناك بعد ان ضبطوا على قوارب تمكنت من الوصول الى اليابسة. هؤلاء المعتقلون محظوظون رغم حبسهم لأن كثيرين من رفاقهم، لا احد يعرف عددهم، غرقوا في البحر. من يبلغ به التصور ان يقطع اي انسان هذه المسافات البعيدة عبر مسارات محفوفة بالخطر إلا لأن وضعه بلغ من اليأس مرحلة تدفعه الى الموت او ركوب هذه المغامرات! وقبل نحو شهرين قرأنا عن وصول اول هارب عربي الى احدى جزر الكاريبي حتى ان الجزيرة اعلنت عن قلقها خشية ان يكون ذلك اول شخص لقافلة من عشرات الآلاف من العرب المهاجرين. تصوروا، سودانيون لجأوا الى نيوزيلندا، وهي أقصى ارض في جنوب غرب العالم، بعد ان سدت كل الطرق الاخرى امامهم. وآلاف المغاربة مهددون اليوم بالطرد من اسبانيا التي وصلوا إليها ايضا من خلال التهريب. أما العراقيون فعن وضعهم حدّث ولا حرج، فهم موجودون في كل معسكر للاجئين في العالم. موجودون حتى في الدول الفقيرة مثل باكستان وقيل ان امرهم بلغ من السوء مرحلة عثر على بعضهم في افغانستان! وقصة عراقيي باكستان تكاد لا تصدق حيث ينامون على الارصفة ويعيشون على صدقات الناس في الطرقات. فباكستان دولة ليست غنية حتى تؤمّن لهم السجون والأسِرة والاطعمة مثل استراليا. اما استراليا فاخبارها تثير الازعاج لنا جميعا، ويفترض ان تثير فينا الحمية ايضا كونها بلداً افضل حالا من باكستان واوسع مساحة من اسبانيا. فقد جمعت الحكومة الاسترالية كل من عثرت عليه حيا على شواطئها وحبسته في معسكر كبير للاجئين ومرت الآن فترة طويلة من دون ان تبت في امرهم. وبسبب طول الاحتجاز وقعت اعمال عنف كبيرة، معظمها بين العراقيين المحتجزين، ولم يسع لمعاونة هؤلاء احد سوى الحكومة السويدية التي حثت الحكومة الاسترالية منتصف هذا الشهر على ايجاد حلول اكثر انسانية للمحتجزين، خاصة ان استراليا بلد كبير قادر على استيعابهم بخلاف غيرها. ان قصص الهاربين والمطرودين من منطقتنا فضيحة مدوية ودليل صارخ على فشلنا، فهناك ما لا يقل عن خمسة ملايين عربي لاجئ يعاملون باحتقار ورفض، كونهم لاجئين. ان مآساة الهروب، سواء كانت لاسباب اقتصادية بحتة مثل وضع المغاربة او سياسية صرفة مثل العراقيين، تدعونا للبحث عن حلول عملية لتنمية المنطقة وتثبيت استقرارها معاً. وما لم يكن هذا هو هدف الجميع فان المنطقة ستستمر في وضع مضطرب، الداخل فيها موؤود والخارج منها مفقود!