إشارات مشوشة من إسرائيل

TT

بعدما حط كل منهم من قدر الآخر خلال الحملة الانتخابية، انضم ايهود باراك وزيرا للدفاع، وشيمعون بيريس وزيرا للخارجية في حكومة ارييل شارون لتشكيل حكومة «وحدة وطنية» في اسرائيل. وهذا التحالف الذي يعتبر دليلا على قوة شارون، هو في الواقع، دليل على ضعف اساسي في المجتمع الاسرائيلي. فهذا مجتمع يسيطر عليه الخوف من العنف والشكوك، ولكنه غير قادر على التفكير في القرارات الاستراتيجية المطلوبة لتحقيق السلام الحقيقي.

وهذه هي المرة الثالثة في اربع سنوات التي تختار فيها اسرائيل لمنصب رئيس الوزراء رجلا يتعهد بتحقيق السلام مع الامن. ان استخدام كل من بنيامين نتنياهو وايهود باراك والآن ارييل شارون شعار «السلام مع الأمن» يكشف عجز اسرائيل عن فهم حقائق الموقف. ان السلام الذي لا يؤدي الى الامن هو تناقض. ليس هناك حاجة للتوفيق بين مفهومين، هما في الواقع متماثلان من الناحية العملية.

ان شعار «السلام مع الامن» هو، في الواقع، شفرة لرفض الحد الادنى من الشروط المطلوبة لتحقيق التطلعات الفلسطينية المشروعة.

ويحاول شارون بتشكيل حكومة «وحدة وطنية» العثور على شركاء لتحمل اللوم في فشله المتوقع. وفي الوقت ذاته يأمل في ان يكون وجود «ثنائي» اوسلو في مناصب وزارية رئيسية سيشوش الرأي العام العالمي المعادي لشارون والشارونية. ان باراك وبيريس يساعدانه على اداء هذه العملية في ما يبدو انه طموحات شخصية للغاية. ان مشاركتهما لن تتمكن من انقاذ الشارونية من الفشل، ولكن من المؤكد انها ستؤجل لحظة اكتشاف الحقيقة.

وبالنسبة للجانب الفلسطيني يجب عليه ألا يُخدع بحقن جرعة اوسلو في مشروب شارون القاتل، ومن الضروري على السلطة الفلسطينية ان تشكل رد فعلها على تحركات شارون بأكبر قدر من الحذر والذكاء.

ربما يكون شارون آخر الامل بالنسبة للاسرائيليين في فرض سلام مرضٍ لهم تماما. مثل هذا الامل يمكن ان يتلاشى بسبب الخبرة المباشرة للشعب الاسرائيلي. ويجب عليهم معرفة ان تحقيق السلام يتم عن طريق الاخذ والعطاء والتوازن، وان ضعف جانب في المجالين العسكري والاقتصادي يجب عدم ترجمته الى خسارة آلية للحقوق المشروعة.