لا ضرورة للقمة العاجلة

TT

لسنا بحاجة الى قمة عاجلة بعد فوز شارون في الانتخابات الاسرائيلية الأخيرة، كما طالب ويطالب البعض. فالقمة قادمة، وهي ستعقد في نهايات الشهر المقبل في عمان، والعرب بحاجة الى هذا الوقت المتبقي كي يتأكدوا هل أن رئيس الوزراء الاسرائيلي الجديد ما زال يتمسك بمواقفه وبرامجه عندما كان خارج الحكم أم أنه، بعد أن أصبح في مواقع المسؤولية، بات مضطراً الى اعادة النظر بهذه البرامج والمواقف.

ثم ان العرب بحاجة ايضاً الى الوقوف على توجهات الادارة الأميركية تجاه الشرق الأوسط وبحاجة الى معرفة ما يحمله وزير الخارجية الأميركي كولن باول الذي سيزور المنطقة لاحقاً والذي بلا أدنى شك سيناقش مع قادة هذه المنطقة عملية السلام على المسارات كلها بالاضافة الى أمور أخرى كثيرة من بينها المسألة العراقية.

لن يعلن شارون الحرب خلال هذه الفترة، حتى انعقاد القمة العربية المقبلة، التي ستكون أول قمة عربية دورية سنوية وهو سيبقى مشغولاً بالأوضاع الداخلية الاسرائيلية المتفاقمة والتي ستزداد تفاقماً، كما ان العرب بعد ان خبروا وجربوا سياسة تسجيل المواقف وردود الأفعال السريعة بحاجة الى التريث والى معرفة مواطئ اقدامهم جيداً والاتفاق على برامج متواضعة قابلة للتطبيق.

لقد انعقدت قمة عربية طارئة بعد فوز بنيامين نتنياهو في الانتخابات التي سبقت الانتخابات التي فاز بها ايهود باراك، وكانت الايجابية الوحيدة لتلك القمة أنها أكدت أن بامكان العرب لملمة اوضاعهم والتغلب على خلافاتهم، أو تجميدها، ولو مؤقتا. فالفلسطينيون بقوا في الميدان وحدهم اللهم باستثناء مبادرات منفردة قامت بها بعض الدول العربية ولأسباب متداخلة وكثيرة.

في القمة العربية المقبلة، التي يجب ان لا تسلق سلقاً وأن لا تنعقد تحت ضغط الاحداث مهما كانت ضاغطة، لا بد من ان يتفق العرب على برنامج الحد الأدنى، الملزم للدول العربية كلها، إن بالنسبة لعملية السلام، المسار الفلسطيني والمسار السوري والمسار اللبناني، وان بالنسبة الى القضية العراقية التي تشبه الضرس المعطوب في الفك الملتهب.

لا ضرورة للاستعجال وسلق الأمور، وإذا اقتضت تطورات القضية الفلسطينية موقفاً عربياً عاجلاً فإن الطرق بين كل الدول العربية أو اغلبها سالكة وآمنة وان التشاور متواصل ومستمر، وبالامكان التعامل مع أي طارىء من دون قمة عاجلة خاصة اذا كان هذا الطارئ لا يقتضي القمة الطارئة.

كل ما يحتاجه الفلسطينيون الآن هو وفاء العرب بما قرروه في قمتهم الاخيرة اذ حتى الان لا تزال الحجج والمبررات الواهية تقف في طريق تنفيذ ما تم الاتفاق عليه فالدعم لا يزال «بالقطارة» وهناك من لا يزال يتعثر بتلك الحجة المفتعلة القائلة بوجود فساد في السلطة الوطنية وكأن المطلوب ان ينجز الفلسطينيون «ثورة في الثورة» وهم في مثل الأوضاع المعقدة حتى يصلهم الدعم المقرر.

وكل ما يحتاجه الفلسطينيون ان يقفل العرب ابواب عواصمهم امام شارون الى أن يثبت انه في الحكم غيره كقائد حزب متطرف والى أن تلتئم القمة العربية ليقول القادة العرب رأيهم في ضوء الممارسات الاسرائيلية في العهد الجديد وليرسموا الخطة المتواضعة البعيدة عن الشعارات الصاخبة والقابلة للتنفيذ.