الشعراء في إخوانياتهم

TT

ابتلي د. عزيز الحاج بتلفون لا تقل مشاكله عما عاناه طيب الذكر ابو القاسم الطنبوري مع حذائه. فالظاهر انه ورث هذا التلفون في احدى ضواحي باريس من شخص هندي، لأنه كلما ذهب للإجابة عليه، اجابه رجل باللغة الكوجورانية او السنسكريتية او الاوردية او او اي لغة لا يفهمها صديقنا رغم معرفته الواسعة باللغات. لم يكن وحيدا في معاناته، فأنا وغيري من الكثيرين عانينا وكم عانينا في محاولاتنا للاتصال به تلفونيا. كان منا الاخ عباس البدري الذي حاول هو الآخر مهاتفته دون نتيجة. اخيرا تسلم من الدكتور عزيز رسالة بالفاكس تضمنت قصيدة طويلة يبث فيها همومه بصدد هذا التلفون والمكالمات الغريبة التي كان يتلقاها منه، فيقول:

رقم الهاتف قد جننني كلما غيرته بهدلني فلغات الارض فيه اختلطت من جبال الالب حتى عدن تارة يطلب مني رجل قلع ضرس وارم من عفن والذي يسأل عن حلاقه او عن المطعم ذي الأكل الهني والذي ماتت له جدته سائلا عن نفقات الكفن مذ اتتني الهند من اطرافها ونواحي الأرض تغزو سكني ويمضي السياسي والاديب العراقي في قصيدته ليختمها قائلا:

تلكم القصة يا شاعرنا فافتني واقض بما يلزمني كان الاخ البدري في طريق عودته الى السليمانية («العروس التي تستعيد دائما عذريتها» ـ كما يقول دون ان افهم كيف ذلك)، فأجاب السياسي المغترب قائلا:

هاتف الحاج كثير المحن غارق في الهم حتى الاذن هكذا حال العراقي الذي هاتف الروح بـ«سلك» البدن يا صديقي هين فقداننا هاتفا ندفنه في كفن انما فقدان بغداد الهوى كم يكن قطعا بأمر هيّن أفتشتاق الى «دربونه» طالما افضت بنا للوطن؟

او الى مرجوجة كنابها محض صاحين بكف الوسن أفيحتاج عزيز الحاج الذي ودع السبعين للسلك الدني؟

انما الفتوى لدينا عندما نضرب السلك بهذا «اليمني»