عندما تذوب ثلوج كليمنجارو

TT

تحدثت الانباء هذا الاسبوع عن ان جبل كليمنجارو، اعلى جبال افريقيا الذي استوحى منه ارنست همنغواي رائعته الشهيرة «ثلوج كليمنجارو»، بدأ يفقد قمته البيضاء التي كللت رأسه لآلاف السنين وحولته الى لوحة فنية مهيبة وسط تلك السهوب الجميلة المترامية الاطراف.

وذكر الباحثون انه اذا استمرت الحال على هذا المنوال لمدة 15 سنة، او اقل، فان ذلك الغطاء الابيض سيختفي الى الابد، وسيتحول هذا الجبل الذي عاش في مخيلة الناس قرونا طويلة الى شيء مختلف تماما.

هذا الوضع مشابه لما يحصل الآن في العالم كله، من البيرو الى التيبت، ومن ولاية مونتانا الاميركية الى جبال الالب، حيث اخذت قمم الجبال تفقد هالاتها البيضاء في شهادة صريحة على ان التسخين الحراري قد أحكم قبضته على كوكب الارض، واصبح حقيقة واقعة لا يرقى الشك اليها مطلقا.

القياسات التي اجريت على كليمنجارو، العام الماضي، اظهرت ان ثلوجه المتجلدة لا تتقلص وتنكمش فحسب، بل تترقرق ايضا، حيث ان بعض الامكنة فقدت نحو المتر من سماكتها منذ فبراير (شباط) الماضي، كما يقول الدكتور لوني ثومبسون الباحث في علوم القطبين بجامعة ولاية اوهايو الاميركية.

واضاف: «انه بوجه عام فقد كليمنجارو نحو 82 في المائة من هالته منذ عام 1912».

بيد ان العامل الذي يخشاه العلماء اكثر من اي شيء آخر هو ان سرعة التسخين الحراري باتت تسير بوتيرة اكبر، وهو امر لم تشهده الارض منذ قرون عديدة.

وقد ينطوي الامر على اسباب طبيعية ايضا الى جانب الغازات التي يبثها الانسان الى اعالي الجو، لكن مهما اختلفت الاسباب، فان النتيجة واحدة، وهي ان الكوكب الذي نعيش عليه يتجه نحو كارثة فعلية.

وكان الخبراء قد احصوا في الفترة الاخيرة نحو 2025 نهرا جليديا في العالم فقدت نحو 90 في المائة من ثلوجها التي كانت موجودة قبل قرن واحد. وهذه شهادة اخرى عن الكارثة المقبلة.

بقي القول ان ظاهرة التسخين الحراري ستترك آثارها الواضحة على الحيوان والنبات والانسان، كما يقول تقرير صادر عن الامم المتحدة اشرفت عليه هيئة من العلماء والخبراء.

من هذه الآثار، التي تشير ايضا الى ان ظاهرة التسخين قد تحولت الى امر واقع، ان طيور السنونو اخذت تبني اعشاشها في وقت مبكر من كل عام. كذلك شرع الفراش ينتقل اكثر فأكثر الى المناطق الباردة واكثر صعودا الى الجبال العالية، ثم ان براعم بعض الزهور اخذت تظهر في وقت ابكر من الاعتيادي ربيع كل عام.

في أي حال، يقول تقرير هيئة العلماء ذاتها الذي صدر بداية العام الحالي ان حرارة الارض ارتفعت درجة واحدة مئوية خلال القرن العشرين، وانها قد ترتفع الى ما بين 2.6 و10.4 مئوية نهاية القرن الحالي، وهنا الطامة الكبرى.