خاطف ومخطوف

TT

«أعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رماني» شاعر قديم جده الأكبر نصّب نفسه «مهديا»! أبوه كان قاضيا شرعيا ومن كسلا الأقرب الى إريتريا حمل الغلام طموح جده وتقوى أبيه وفي الخرطوم أتقن الفتى التقية تعلم ان يُظهر غير ما يبطن وجه ثعلب ابتسامة ماكرة عمامة ضخمة لحية أنيقة نظارات وراءها عيون زائغة لسان يتكلم خمس لغات علم غزير في جسد دقيق دكتوراه من باريس ولندن شيخ تبحر في الشريعة فترك عمادة القانون ليحترف السياسة

* * * مالئ الدنيا وشاغل الناس حسن الترابي خاطف ومخطوف خطف الأصولية من الاخوان خطف المهدية فتزوج بنتها خطف الطلبة من الناصرية والشيوعية خطف الشارع من أحزاب المهدية والختمية خطف الديمقراطية فعجل باسقاطها سجنه نميري فخطف النميرية عراها من اشتراكيتها سنّ لها قوانين ورطتها في حرب جنوبية دَرْوَشها فتأسلمت فعجل بموتها خطف العسكر من الثكنة سجنوه فأدار السودان من سجونهم خطفوه فغازل خصومهم حاصروه فصالح جنوبهم زايدوا عليه بالأصولية فطالبهم بالحرية والديمقراطية

* * * الذكاء أن تصل الدهاء أن تحكم خطف الترابي الحكم فلم يعرف كيف يحكم احتكر السلطة فعاداه خصومه تسلط فرماه تلامذته استعجل فأثار عسكره سجنوه ثانية فأصبحوا رهينته إن أطلقوه سحب البساط من تحتهم إن حاكموه حكموا على أنفسهم إن برّؤوه خسروا قضيتهم إن شنقوه منحوا السودان بطله وشهيده

* * * تستحيل الدولة الأصولية في بلد متعدد الأعراق والأديان سخّر الترابي دينه في سياسته خسر مصداقيته لكنه لم يخسر ايمانه حاول الفرض فأخفق حارب فاتهموه بالتطرف فاوض فاتهموه بالمراوغة صالح قرنق فاتهموه بالمناورة خذوا الحكمة من الزوجة:

«لن نلحس الاتفاق ولن نعتذر»

* * * السودان حيّر البيضان شيخ يكفّره جنرال! شيخ تاب عن الخطأ فناء بخطأه جنرال شيخ لا يعتذر وجنرال لا يقبل الاعتذار والصلح مستحيل بين الشيخ والجنرال جنرال منفوخ فرغ من التهام خروف وشيخ في زنزانته يعيش على الفول ويحلم بالتهام فرخة وفي انتظارهما ذئب جائع في غابة