الفلسطينيون .. الحياة والموت

TT

لأول مرة منذ سنوات طويلة اصبح الفلسطينيون لا يموتون وحدهم.

في كل مرة يقتل الاسرائيليون فلسطينيا، يدفعون ثمن جريمتهم، ويبدو ان هذه هي اكثر الطرق ايذاء للاسرائيليين الذين لا يحتملون ان يتم تغيير موازين القوى بهذا الشكل، ولا يحتملون حرب استنزاف دائمة.

المجتمع الاسرائيلي المتأزم مع نفسه والذي انتخب شارون رئيسا للوزراء، سيكتشف في وقت قريب ان التطرف الاسرائيلي لن يمر من دون عقاب، وان الخسائر الاسرائيلية ستكون اكبر بكثير في ظل حكومة الليكود، منها في ظل حكومة العمل.

رئيس الاركان شاوول موفاز هدد وتوعد، واعتقد ان تهديداته ستخيف الناس، فكان الرد الفلسطيني سريعا وحاسما. شارون الذي وعد الاسرائيليين اثناء الحملة الانتخابية انه سيوقف «الارهاب الفلسطيني» يواجه تصعيدا خطيرا، ويلجأ الى اتهام عرفات بطريقة ساذجة ومكشوفة.

العملية الاستشهادية الاخيرة كانت ببساطة شديدة، عملية شخص قرر ان يرد على الاحتلال بقتل نفسه وقتل اعدائه، ولا يستطيع عرفات ولا غيره ان يمنع الناس من الموت. اما الاسرائيليون فمشكلتهم اكبر، فهم لا يريدون للفلسطينيين ان يقرروا طريقة حياتهم، ولكنهم لا يستطيعون ان يضعوا امام كل فلسطيني جنديا اسرائيليا يمنعه من تقرير طريقة موته.

لا حل مع اسرائيل، ولا امام الادارة الاميركية حل، سوى بانسحاب اسرائيل من الاراضي المحتلة، بدون قيد او شرط، وترك الناس تعيش وتقرر مستقبلها. والمجتمع الاسرائيلي المتأزم والمنقسم على نفسه سيكتشف بعد ان يدفع ثمنا باهظا ان القوة لن تحل مشكلة. وانه يواجه شعبا اوصله الاسرائيليون الى مرحلة ان تساوت لديه الحياة بالموت فلم يعد يخاف من ان يفقد شيئا.

اسرائيل في ورطة حقيقية، وكل ما نأمله ألا تعطيها السلطة الوطنية الفلسطينية اية فرصة للخروج من ورطتها، وذلك يتطلب تشددا فلسطينيا، ورفعا لسقف المطالب الوطنية الفلسطينية.