على حافة حرب بلقانية أخرى

TT

شنت القوات المقدونية، بفضل التشجيع الذي وجدته من حلف الناتو، هجوما ضخما على المتمردين الالبان بتيتيفو، تلك المدينة الواقعة على حدود كوسوفو. وقد وصف الرئيس المقدوني بوريس ترايكوفسكي هذا الهجوم بأنه «العملية النهائية»، ووعد بطي الصفحة الاخيرة لهذه القضية في غضون ايام. وطالما ان الكثيرين من الغربيين يشاركونه في التفاؤل، فانهم يخاطرون بتعريض انفسهم لخيبة الامل.

ومع ان الهجمات الاخيرة ربما يكون قد حالفها الصواب، الا ان القضية التي يدافع عنها المتمردون تجد تأييدا واسعا من الالبان الذين يمثلون ثلث سكان مقدونيا. صحيح ان الاقلية الالبانية ربما لا تؤيد العنف، ولكنها لا يمكن ان تغض الطرف عن نظام التفرقة العنصرية الذي تفرضه بفعالية الاقلية السلافية التي تمثل 40% من السكان.

ومن الامثلة الصارخة على التمييز الذي يمارس ضد السكان من اصل الباني، منع تدريس اللغة الالبانية في المدارس، منع وسائل الاعلام الناطقة باللغة الالبانية من العمل بحرية، وحرمان الالبان من الحصول على مواقع في الجيش وقوات الامن. واذا اضفت الى ذلك ان افضل الوظائف والمنازل والمؤسسات التعليمية يحتكرها السلاف، فانك ستجد نفسك امام وضع متفجر، في دولة حديثة التكوين وغضة العود.

والامر الجدير بالملاحظة هو ان قوات الناتو لا يبدو عليها انها استوعبت دروس النزاعات والحروب في منطقة البلقان. فهم يكررون نفس الاخطاء التي ارتكبوها في كرواتيا والبوسنة والهرسك وكوسوفو.

وما زالت تراودهم الآمال بان مجرد اعلانهم للتأييد الاسمي لاحد الجوانب، واصدار البيانات المسكنة، كفيل بتضميد جراح اصبحت غائرة خلال قرون من المنازعات.

ولا يمكن لهجوم ترايكوفسكي ان يؤدي الا لنتيجة واحدة: هي عزل الزعماء الالبان المعتدلين ووضع زمام المبادرة في ايدي المتطرفين من الجانبين. وسيؤدي هذا بدوره، كما هو معروف، الى التطهير العرقي والحرب. والحرب هذه المرة يمكن ان تتخطى الحدود الى البانيا، ثم الى اليونان التي هي عضو كامل العضوية بالناتو.

بدلا من تشجيع ترايكوفسكي في جهوده الحربية، يفعل الناتو خيرا لو مارس عليه الضغوط للتفاوض مع القادة الالبان المعتدلين حول دستور جديد يضع حدا نهائيا لنظام التفرقة العنصرية القائم حاليا. ومثل هذا الاجراء يمكن ان يضفي شرعية على الحملة ضد متمردي تيتيفو، الذين لا يمكنهم ان يدعوا حتى الان تمثيل جميع الالبان.

وهذا سيؤدي بدوره الى تفادي توسيع نطاق الحرب. وبطبيعة الحال فان هذا يقتضي جهودا سياسية ودبلوماسية اضافية بدلا من قعقعة السلاح واستعراض العضلات من قبل القيادة السلافية بسكوبجي.