نهاية أزمتين قبل القمة

TT

قبل ان تعقد قمة عمان، طوي ملفان من ملفات الخلافات شبه الدائمة في المجالس العربية; واحد انهي نزاعا طويلا ومريرا بين قطر والبحرين حول جزر وحدود بحرية، والثاني حل خلافاً حدودياً بين السعودية وقطر. ومع هذا فالمؤتمر لن يكون مريحا وسهلا لأن القضايا العالقة اكبر من أشغال مائة قمة. فالنزاعات العربية ـ العربية كثيرة والحلول قليلة.

رأينا في معالجة الخلافين القطري ـ البحريني والقطري ـ السعودي اسلوبين حسما المسألتين; فالأول تم من خلال التحكيم الدولي، وهو اختيار جيد افضل من خيار الوساطات لأن النزاع هو على مساحة كبيرة بالنسبة لدولة صغيرة كالبحرين، اما الثاني فقد حل ببطء عبر الاتصالات الدبلوماسية. ولا بد ان نشيد بروح قطر والبحرين في الارتضاء بفكرة التحاكم وإن كان طريق المحكمة وعرا وصعبا ومليئا بالشكوك ومحفوفا بالمخاوف. فمبدأ الذهاب الى محكمة العدل الدولية يعبر عن رغبة في الحل، لأن من يبتغي التصعيد يرفض الوساطات وطريق المحاكم. ولو أن كثيرا من النزاعات المعلقة احيلت الى المحاكم الدولية لربما انتهينا اليوم من كل ما لحقنا من نزاعات عسكرية واقتصادية وتوتير سياسي واعلامي واشغال هذه الامة بصراعات لا تعرف منطقة أخرى في العالم مثلها عددا واستمرارية. ولو ان الاتفاقيات احترمت بعد توقيعها لوفر العرب على انفسهم، في نزاعين غير ضروريين نحو مليوني قتيل واكثر من مائتي مليار دولار، الى جانب تلافي الجروح في النفوس، وأعني بها اتفاقية الجزائر بين العراق وايران التي مزقها الأول، والاعتراف بسيادة واستقلال الكويت على ارضها الذي لم يحترمه العراق ايضا. ولأنها انتهت فلا بد ان نقول ان تجربتنا مع النزاع القطري ـ البحريني، رغم صغر المشكلة في نظر الكثيرين، كانت متعبة، والقضية عظمت وصارت خطيرة وإن اخذت نهجا سليما في التقاضي وقبول الحسم النهائي. وقد لا يعرف كثيرون كيف هيمن الخلاف على الجزر والحدود المائية على كل شيء في الخليج وبلغ مرحلة أصاب المنطقة بالقلق من تبعاته، حتى انه في شهر ديسمبر عام تسعين، والكويت لاتزال محتلة، بدد وأفسد موضوع الخلاف حول الجزر لقاء مجلس التعاون في الدوحة بما يثير الدهشة في وقت كانت فيه قوات تزحف من انحاء العالم واجتماعات حاسمة لمجلس الامن واكثر من مليون ونصف مليون مشرد من الكويت هائمين في المنطقة التي كانت على كف عفريت وعلى شفا حرب مجهولة العواقب.

وهذا يؤكد انه لا يجوز ان نبسط من نزاع على ارض او ماء مهما صغر، وألا نحاول نسيانه او دفنه تحت دعاوى القضايا الكبيرة. ونهاية الخلاف على الفشوت والمياه بين قطر والبحرين نهاية سعيدة للجميع وضمان دائم بالاستقرار. وهذا ما نتوخاه من ادارة القمة العربية، ليس بالضرورة قمة عمان، بل من خلال الجامعة العربية ان تجرب تحريك الخلافات نحو طرق الحل حتى لو استغرقت وسيلة الحل سنين طويلة، فالمهم ألا تغفل النزاعات لأنها صامتة.