أبو الطيب الرحباني (4)

TT

تزامنت مقالاتي الأخيرة عن المتنبي مع انتهاء عرض المسرحية الغنائية «ابو الطيب المتنبي» للشاعر والموسيقي والمسرحي منصور الرحباني ضمن فعاليات مهرجان دبي للتسويق. وللتوضيح فانني لم أكن أقصد من هذا الربط الزمني أية اساءة لمنصور الرحباني الذي كان ولا يزال واحداً من أبرز المقاتلين في سبيل الحرية، والذي سيسجل له التاريخ رفضه الأبي لكل محاولات شرائه أو استئجاره رغم حجم المغريات الكبير، ورغم الظروف المادية والمعنوية الصعبة التي عاشها إبان الحرب الأهلية اللبنانية.

ولأنني ابن المدرسة الرحبانية التي رسخت قيم الحرية والعدالة والمساواة في نفوس الكثيرين فقد آليت على نفسي ألا أصدر أي حكم بحق العمل قبل ان أشاهده.. فأنا أعرف منصور الرحباني جيداً كفنان وكانسان، وأعرف انحيازه للبسطاء والمعترين، وأعرف ايمانه العميق بالحرية.. وقد توقعت منذ ان سمعت عن العمل، ان يظهر المتنبي كواحد من أبطال الرحابنة الذين قاتلوا في سبيل الحرية.. وقد كنت متأكداً من ان منصور الرحباني سيخترع لنا متنبياً آخر ليست له علاقة كبيرة بالمتنبي الحقيقي.. وهذا نوع من الكذب المطلوب في الدراما او التراجيديا المرتبطة بالشخصيات التاريخية، لأن الدراما تختلف عن التوثيق والمسرح يختلف تماماً عن الدراسات والأبحاث العلمية.. ولكل هذه الاعتبارات فقد أجلت حكمي على العمل حتى الانتهاء من مشاهدته، لكن الظروف لم تسمح لي بمشاهدة العمل، فما كان مني إلا ان هاتفت «المعلم» منصور الذي أكد لي بأن شخصية المتنبي التي ظهرت في المسرحية كانت تحمل أفكار منصور الرحباني التي تنظر الى الحرية كمطلب أساسي للفرد والمجتمع. وقد ختم منصور حديثه معي بعبارته الشهيرة: «لا وجود للعدالة خارج مناخ الحرية».

أعتقد ان البطل الذي ظهر في المسرحية كان أبو الطيب الرحباني وليس أبا الطيب المتنبي.