أسماء ما أنزل الله بها من سلطان

TT

تعرضت في الاسبوع الماضي لمسألة الاسماء وضرورة تطويرها بما ينسجم مع العصرنة والمجتمع الحديث. وصلني في هذه الاثناء فاكس من الكويت يضم كتابا رسميا يتعلق بضرورة تغيير بعض الاسماء مع قائمة طويلة بهذه الاسماء المطلوب تغييرها.

طبعا ان دل ذلك على شيء فهو سعي اخواننا في هذه الدولة الشقيقة الى التحديث ومواكبة العصر. أول ما لفت نظري في هذه القائمة هذا الولع بتحقير النفس الى حد سادي. خذوا مثلا هذه الاسماء: زبالة، حافي، صلبوخة، بنشر، بعير هريس. من الاسماء التي تكررت في القائمة «جحيش». لقد بخل الوالدان هنا على ابنهم حتى بإعطائه اسم جحش، فصغروه ليحطوا من شأنه. انه ليس بجحش وانما بجحيش صغير تافه. نحن نعرف انهم في الكويت يحاولون احترام حرية المواطن، على الاقل في اختيار اسمه. لهذا لم يقترحوا على المومى اليهم بأي اسماء معينة. وهذا تقصير في رأيي من جانب المسؤولين. فكثير منا لا يعرفون ما يفعلون بحريتهم. وهو ما حصل لموظف في الاردن كان اسمه فاضل الوسخ، قدم اوراقه وادى الامتحان ونجح وقرر المدير تعيينه للوظيفة ولكنه عند المقابلة ذكر له ان اسمه هذا لا يتناسب مع موظف في دائرة محترمة. اقترح عليه تغيير اسمه. فذهب الرجل واجرى ما يلزم وعاد الى المدير واعلمه بأنه قد غير اسمه الآن. سأله المدير وما هو اسمك الجديد فقال له: «مصطفى الوسخ».

بيد ان بعض الاسماء الواردة في القائمة تحمل حقا بعض المعاني البليغة. وارجو من اصحابها ان يصروا على الاحتفاظ بها. هناك مثلا مهباس ابن رفس الحمار، لا بد ان يعود هذا الاسم الى كيفية ولادة هذا الرجل. يظهر ان والدته قد اجهضت به بعد رفسة قوية من حمار شرير فسمته على اسمه. وهو ما يفعله الأسكيمو، حالما يولد لهم طفل، يخرج الاب من الخيمة وينظر فيسمي الطفل بما يراه امامه. وهذا من اسرار الاسماء الغريبة عند هؤلاء القوم. عندهم شاعر شهير مثل ادونيس يكتب قصائد لا يفهمها احد اسمه «ضفدع يجامع ضفدعة». ومن قادتهم الوطنيين الذين استشهدوا في محاربة الاستعمار الفنلندي رجل اسمه «دجاجة ميتة».

اشرت في الاسبوع الماضي الى ولهنا بتسمية اطفالنا على اسماء مأكولاتنا. وهنا نجد نماذج جيدة على ذلك. مثلا السيد عاطور لحاس الطماط، ودرموج دسم، ودمدم ابن نايم المطبخ، وعطش ابن حطل ابن بصل، وهريس زنبوط، والسيد ابو بطن.

الغريب ان القائمة لا تحتوي على اي اسماء نسائية. هل يعني ذلك ان النساء هناك لا يحملن اي اسم مثلما لا يحملن اي حق للتصويت في الانتخابات؟ ام ان جميع اسمائهن اسماء حسنى لا تتطلب التغيير؟ او ان اسماءهن على درجة من القبح بحيث لا يجرؤ احد على ذكرها؟ اسم واحد ربما يعود الى امرأة فهو يحتوي على كثير من الدلالة الانثوية «فترة نسيان». اسم آخر قد يعود الى امرأة اضناها الحب والهجران وخيانات الرجال «قلب صلبوخ». ولكن الاسم الذي هزني عاطفيا حقا هو «حافي ليل نهار». هذا اسم يستحق الجائزة ولا ينافسه فيها غير السيد «نازل صاعد»، الذي يوحي بأنه قضى عمره في تعقب عريضة في وزارة العدل.