الوجه العنصري للصهيونية

TT

ما من شيء يسيء الى قضية الفلسطينيين كردود الفعل العاطفية العربية. اعطانا رجل الاعمال الاردني توفيق العزب مثالا جيدا لما اقول. اعلن عن رصد مليون دينار اردني لكل من يقتل الحاخام المتطرف عوفاديا يوسيف الذي نطق بكلمات هستيرية ضد العرب فدعا الى ابادتهم ومسحهم عن وجه الارض. هذا طبعا ما سعى اليه هتلر ضد اليهود بما سمي بالحل النهائي، وهو ازالتهم من على وجه الارض.. بذلك يكون عوفاديا قد وقف جنبا الى جنب مع هتلر. المفروض ان تتدخل الدول الكبرى وتعتقل هذا الرجل وتحيله الى المحكمة الدولية الجنائية. ولكن لا احد يجرؤ ان يملي اي شيء على اسرائيل. وهذا قول عنصري آخر هو رئيس حكومتهم شارون.

بالنسبة لنا، هذا النوع من التصريحات هو خير ما نرجو سماعه من اسرائيل لانه يكشف للعالم هذا الجانب العنصري من تفكيرها، لا سيما ان عوفاديا ليس صوتا منفردا. لقد ايده آخرون حتى في هذه الكلمات الجنونية. وهي كلمات تثير بعين الوقت سخط الشرائح التقدمية والسلامية الاسرائيلية ضد المعسكر اليميني المتطرف. انها مفيدة لنا من هذه الزاوية ايضا.

دعوة السيد توفيق العزب لقتله تفسد هذا الوضع الجميل. انه يدعم تصلب اليمين الاسرائيلي ويجعلنا نقف بصورة متوازنة ومتوازية معهم. لا ادري ان كان رجل الاعمال الاردني قد استشار محاميه قبل الادلاء بتصريحه هذا. فهو في الواقع يشكل جريمة حتى في نطاق القانون الاردني. فعوفاديا دعا للقتل بصورة عامة، في حين ان العزب خصص في دعوته رجلا معينا وسماه بالاسم.

لقد جنت اسرائيل انتصارات اعلامية هائلة ولمت الرأي العام العالمي حولها باستغلالها لتصريحات احمد الشقيري بشأن رمي اليهود في البحر عام 1967. المفروض ان نتعلم من ذلك الدرس ونحسن استغلال مثل هذه التصريحات الشوفينية الرعناء من مثل هذا الحاخام الاهوج الذي يتبعه قطاع كبير من المجتمع الاسرائيلي.

بيد ان تصريحات عوفاديا يوسيف لا تسيء فقط لاسرائيل، بل ولا لليهود فقط، انها تسيء الى رسالة الايمان بالله على النطاق العالمي. كنا نتصور ان الدعوات الدينية لابادة الخصوم وتقتيل الملل الاخرى قد انتهت بنهاية القرون الوسطى. لا يجرؤ اي رجل دين الآن على التكلم بمثل هذه اللغة. الحديث اليوم ينصب اساسا على حوار الحضارات وتعايش الديانات.

يريد هذا الحاخام، الزعيم الروحي لحركة شاس، ان يعيدنا الى ذهنية القرون الوسطى. حتى زعماء طالبان لم يتكلموا بمثل هذه اللغة. موقف مثل موقفه، وكلام مثل كلامه، يعزز رأي المتشككين والملحدين بأن الدين وراء كل هذه الفظاعات التي تجري في العالم ولن يتخلص البشر منها حتى يتخلصوا من الدين.

اذن فحركة شاس شيء يمس كل الاديان وكل من يؤمن بالله ورحمة القادر ورحمانه، يمس ايضا كل المؤمنين بالتعايش السلمي ومقاومة العنصرية والشوفينية. ويسدد توفيق العزب خدمة اعظم بالمليون دينار لو انه كرسها لفضح هذه العنصرية الصهيونية وتنوير الرأي العام العالمي بأمرها وبأبعادها.