أعظم المناظر وأسوأ المناظر

TT

شاءت القارئة الفاضلة راجحة نوري فتاح ان تعلق على ما كتبته بعنوان «أعظم المناظر» والحفلة التي وردت الاشارة اليها. هذه الحفلات لا تجري في لندن في الحانات وانما في البيوت. والبيت الذي جرت فيه الحفلة كان بيت زميلتنا الأديبة والاذاعية الفلسطينية نهى بطشون. وكان جل الحضور من الأدباء والأديبات العرب كما لا بد ان تستشفي من الاشارة الى أغاني أم كلثوم.

تسألينني عن تربية اولادي. نائل تخرج من اكسفورد في الاقتصاد ويكسب قوته من الكتابة عن العالم العربي. يقضي بضع ساعات اسبوعياً في اطعام المشردين في لندن. آدم تخرج من برستل في الفلسفة ويعيش عيشة الكفاف مفضلاً تكريس وقته لأعمال الخير في محاولة اصلاح السجناء والترويح عنهم بالموسيقى، فكلاهما عازفان ماهران في الموسيقى الكلاسيكية على القيثار والفلوت والأوبو.

لقد اسأت فهم عبارتي عن المرأة العراقية، أيتها الأخت الفاضلة. كانت صرخة ألم من قلب مجروح اطلقتها بصيغة السخرية المرة. لا شيء ولا مخلوق يعبر الآن عن محنة العراق كالمرأة العراقية. لا الأطفال ولا المرضى في المستشفيات ولا الجوعى في الشوارع ولا المشردون في الخارج يجسمون مأساة العراق في رأيي كما تجسمها المرأة العراقية. المرأة التي عرفناها طوداً شامخاً من الكبرياء والأنفة وعزة النفس تحولت الآن الى مشردة جوعى تشحذ وتبيع عرضها في شوارع المدن الأجنبية وتستجدي اي ابن حلال ليتزوجها ويستر عليها. ومن المسؤول؟ نحن المسؤولون. نحن الرجال كالعادة جررناها الى هذا الحضيض بآيديولوجياتنا العقيمة والسخيفة وحماقاتنا وممغامراتنا وغرورنا. يا ليتنا استمعنا الى كلمات أمهاتنا الجاهلات الأميات واتبعنا نصائحهن بدلاً من قراءة كل هذه الكتب والمقالات المضللة.

وصلتني ايضاً عدة فاكسات من الأخ فهد محمد يعترض على ما قلته بصدد فريد الأطرش، مع ملحق لأغنية من أغانيه «حبيب العمر». شكراً يا أخي فهد. استمعت اليها بالكامل ولم انهزم منها حرصاً على ذكائي. الحقيقة انني لم اكن اعرف ان لفريد الأطرش رحمه الله كل هؤلاء الأنصار، ومن الرجال. فقد كنت اعتقد ان النساء فقط يحبون هذا المطرب العاطفي. اكتشفت ايضاً ان هناك «وب» كامل على الانترنت لأغانيه.لن أعطي عنوانه حرصاً على مصير الطالبات المراهقات وهن على أبواب الامتحانات النهائية.

الحقيقة التي لا بد ان اعترف لك بها يا أخي فهد انني اصبحت أكره كل هذا الهوس بالحب والغرام والانين والبكاء على ما فات منه ولم يفت. الحب في هذه الأيام اصبح موضة قديمة يتعلق بها العجائز من امثالي. الجيل الجديد عنده حب واحد هو الفلوس. اصبح الناس يحبون السفر والسيارات الفارهة وآخر مستجدات اجهزة الفيديو والاوديو. اجلس مع شباب اليوم فلا تسمعهم يتكلمون عن حبيباتهم. تسمعهم يتغزلون لساعات بسياراتهم وأحذيتهم الجديدة وساعاتهم الالكترونية. راقبهم في المقهى لترى كيف يرسلون الآهات والحسرات التي تمزق نياط قلبك كلما مرت أمامهم سيارة بورشا سبورت جديدة. ولا تسمع منهم غير كلمة كلمتين بذيئة عندما تمر اجمل الحسان امامهم. انتهى زمان الحب وزمان فريد الأطرش يا أخي.