في مصر يطالبون بالقوات الأميركية

TT

عدد من النواب في البرلمان المصري حذروا من مغبة سحب القوات الاميركية التي تفصلهم عن اسرائيل، مشيرين الى ان ذلك قد يشكل خطرا على امن مصر ويجعلها مكشوفة لأي اعتداء اسرائيلي مقبل. وهذا القلق العلني الذي رافقته تعليقات صحفية تقول الشيء نفسه، محذرة من سحب القوات الاميركية من على الحدود المصرية، ايدته تصريحات رسمية من القاهرة، وان كانت اقل انزعاجا، تقول ان توقيت سحب القوات ليس مناسبا الآن بسبب التوتر القائم في المنطقة.

هنا نسأل الإخوة في مصر والخليج، وحيث ترتفع اصوات بالسخرية او الشكوى تطالب باخراج القوات الاميركية من مياه واراضي الخليج، كيف يطالبون باخراجها من الخليج الملتهب والابقاء عليها في سيناء الهادئة؟

أي منطق غريب هذا الذي ينكر على دولة صغيرة مثل الكويت حقها في حماية نفسها ومواطنيها وثرواتها، ويطالب بحماية حدود دولة كبيرة مثل مصر؟

ان احدا لا يسعد بحاجته الى قوات اجنبية، فهي ليست بالأمر المشرف، لكن المهدد بالعدوان لا يقبل ان تترك بلاده مباحة لمن يهددها. فما حدث في الكويت قبل عشر سنوات امر مروع من مجازر واغتصاب وحرائق ونهب وتدمير، وكان كافيا للكويتيين ان يجمعوا، اميرهم وصغيرهم، يسارهم ويمينهم، متدينهم ومتحررهم، على ضرورة طلب الحماية بدلا من التمسك بقيم سياسية مزورة ثبت فشلها في الماضي. وصورة الماضي ليست وردية في منطقة الخليج على مدى عشرين عاما مضت، فقد قتل اكثر من مليون انسان في الحرب بين العراق وايران ووقعت اعتداءات حقيقية من قبل ايران على دول الخليج العربية، وبعد انتصاره على ايران قام العراق باحتلال الكويت وتشريد اكثر من مليون ونصف مليون انسان، مروعا كل المنطقة. تلك الكوابيس والجرائم كانت كافية لدفع الدول المستهدفة الى البحث عن قوة اكثر جبروتاً من القوى التي تهددها. وكما يشهد الجميع فهذه القوة الرابضة هي التي منعت الدولتين، ايران والعراق، من الاقتراب من السواحل الخليجية الأخرى او حتى التعرض لناقلات نفط هذه الدول وفرضت واقعا جديدا. القوة الاميركية المماثلة التي تتمركز على الحدود المصرية ـ الاسرائيلية ضمنت هي الأخرى الحماية من اي عربدة اسرائيلية منذ توقيع اتفاق كامب ديفيد قبل واحد وعشرين عاما. ولهذا فالمشهد غريب على العين العربية ان يطلب الاميركيون سحب قواتهم والجانب العربي هو الذي يدعو للابقاء عليها، انما ليس ذلك بالامر الغريب، فالمصلحة المصرية تقتضي ردع اسرائيل بقوة تخافها لا قوة دولية رمزية كتلك التي تعتمر القبعات الزرقاء في جنوب لبنان. هذه الزوبعة الصغيرة، ونعني بها سحب القوات الاميركية من الحدود المصرية واعتراض المصريين، تبين التناقض الذي نعيشه في مفاهيم الأمن وحقوق الدول في حماية نفسها. فقد كانت الدول الخليجية محل سخرية ونقد الكثيرين لأنها اضطرت الى الاستعانة بمثل هذه القوات في ظروف اكثر خطورة من الظروف المصرية.