تكنولوجيا المعلومات في العالم العربي.. تقييم صريح

TT

أظهرت نتائج استطلاع للرأي أُجري في القاهرة ونيويورك الأسبوع الماضي الوضع الحقيقي لتكنولوجيا المعلومات في العالم العربي.وبصورة عامة يمكن القول ان النتائج عكست وجهة نظر تفاؤلية حول هذا الشأن.

أجرت الاستطلاع مؤسسة متخصصة في ابحاث الرأي العام، إلى جانب المشاركين في المؤتمر العربي للمعلومات والتكنولوجيا الذي عقد في القاهرة يومي 18 و19 مارس (آذار) الماضي برعاية «المنبر الاقتصادي العالمي» تحت عنوان: «تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العالم العربي ـ نحو آفاق جديدة».

تسعون في المائة من جملة الذين شاركوا في الاستطلاع هم من العالم العربي، وهم يمثلون عددا كبيرا من الأعمال ذات الصلة بتكنولوجيا المعلومات. والمعروف ان تكنولوجيا المعلومات بدأت الآن فقط في التطور في العالم العربي، كما ان استخدام شبكة الانترنت بدأ في النمو كذلك، رغم البطء في هذا الجانب. ويقدر عدد العرب الذين تتوفر لهم الفرصة لاستخدام شبكة الإنترنت حوالي مليون فقط، وهو رقم يمثل نسبة ضئيلة جدا من جملة سكان العالم العربي. وبينما تحدث بعض النقاد الغربيين عن تخلف المنطقة العربية وما يعتقدون انه «سياسات مقيدة» تتبعها الدول العربية مما أدى إلى بطء دخولها في عصر الانترنت، فان المؤتمر والمشاركين فيه القوا نظرة طويلة على التقدم الذي حدث حتى الآن، والعمل الذي يجب ان يجري لإحداث التقدم اللازم في مجال تكنولوجيا المعلومات والتجارة عبر شبكة الإنترنت في الساحة العربية.

وأشار المشاركون إلى النشاطات التي قامت بها حكومات عربية عدة لتوفير خدمة الإنترنت، وتحدثوا كذلك عن بعض المبادرات الإيجابية في القطاع الخاص لترقية وتطوير تكنولوجيا المعلومات وتجارة الإنترنت. كذلك نوقشت بكل صراحة مواطن المشكلات الخطيرة والعقبات التي تعترض طريق النمو وتطوير تكنولوجيا المعلومات.

رغم البداية البطيئة والصعوبات الموجودة ابلغ المشاركون في المؤتمر فريق الاستطلاع انهم يشعرون بالتفاؤل في شأن آفاق تطور مجال تكنولوجيا المعلومات في العالم العربي. وأكدت نسبة 57 في المائة انها تشعر بالتفاؤل، فيما قال 13 في المائة انهم متشائمون بشأن تطور مجال تكنولوجيا المعلومات في المنطقة العربية. وأكدت نسبة 61 في المائة من المشاركين في الاستطلاع انهم يشعرون بالتفاؤل إزاء آفاق المزيد من التعاون بين دول العالم العربي، غير ان نسبة 35 في المائة تختلف مع وجهة النظر هذه.

وحتى في ظل وجهة النظر الإيجابية هذه حول المستقبل، فان المشاركين في المؤتمر عبروا عن تقييمهم السلبي للأوضاع الراهنة. فعند السؤال عن «تقييم العالم العربي بكامله في مجال تطور تكنولوجيا المعلومات» أعطت نسبة 13 في المائة فقط من المشاركين في الاستطلاع «درجة كبيرة» للمنطقة العربية في هذا المجال، فيما أعطته نسبة 53 «درجة متدنية». كما ان هناك نسبة 39 في المائة تعتقد بـس «إيجابية الجهود الراهنة في العالم العربي لتطوير تكنولوجيا المعلومات»، فيما تنظر نسبة 29 في المائة إلى هذه الجهود على انها سلبية.

وعند السؤال عن تقييم تطور تكنولوجيا المعلومات في العالم العربي مقارنة بمناطق أخرى في العالم، قال 15 في المائة ان المنطقة العربية أفضل في هذا المجال من أوروبا الشرقية والهند وجنوب شرق آسيا، فيما رأت نسبة تزيد على الـ50 في المائة ان العالم العربي يأتي في مرتبة أدنى مقارنة بهذه المناطق. ويرى المشاركون في الاستطلاع ان العالم العربي يتقدم فقط على دول أفريقيا الوسطى والجنوبية وباكستان. وردا على سؤال حول تقييم مواطن الضعف الأساسية في مجال التخطيط لتطوير تكنولوجيا المعلومات، أعطى عدد المشاركين في الاستطلاع الأسباب التالية:

ـ الافتقار إلى الاستراتيجية/التخطيط: 16 في المائة.

ـ الافتقار إلى التعاون/الوحدة العربية: 10 في المائة.

ـ الافتقار إلى الإمكانات التكنولوجية: 19 في المائة.

ـ الافتقار إلى التمويل: 7 في المائة.

ـ السياسة/البيروقراطية: 7 في المائة.

ـ الافتقار إلى البنيات الأساسية: 5 في المائة.

ـ مشكلات لغوية: 2 في المائة.

ـ التفكير غير الصحيح/القيادة السيئة: 6 في المائة.

ـ الافتقار إلى التعاون مع الأطراف الخارجية: 3 في المائة.

ـ أسباب أخرى: 16 في المائة.

ـ لا توجد أسباب محددة: 8 في المائة.

وعند السؤال عن تقييم مواطن القوة الأساسية التي يمكن ان يستفيد منها العالم العربي في مجال التخطيط لتطوير تكنولوجيا المعلومات، أورد المشاركون في المؤتمر الجوانب التالية كنقاط قوة يمكن الاعتماد عليها:

ـ الموارد البشرية/الأفراد المدربون: 30 في المائة.

ـ الموارد المالية: 12 في المائة.

ـ اللغة المشتركة: 10 في المائة.

ـ السوق العربية: 6 في المائة.

ـ التقدم العلمي والتكنولوجي: 5 في المائة.

ـ التعاون بين الدول العربية: 7 في المائة. ـ الموارد الطبيعية: 4 في المائة.

ـ عوامل أخرى: 10 في المائة.

ـ لا يوجد سبب محدد: 19 في المائة.

وسئل المشاركون في المؤتمر في الختام حول آفاق المستقبل وتقييم التقدم الذي يمكن ان يحدث مستقبلا في عدد من الجوانب. وفيما أعربت نسبة 32 في المائة من المشاركين عن التفاؤل ازاء احتمال تحقيق سلام بين العرب واسرائيل خلال السنوات الخمس المقبلة فإن نسبة 56 في المائة لا ترى ما يبعث على التفاؤل.

لكن الملاحظ ان الكثيرين أعربوا عن تفاؤلهم في غالبية المجالات الاخرى. فقد أبدت نسبة 61 في المائة من الذين جرى استطلاع رأيهم تفاؤلها إزاء المزيد من التعاون بين دول العالم العربي، فيما لا ترى نسبة 24 في المائة ان هناك أي تفاؤل في هذا الجانب، واعربت نسبة 56 في المائة عن تفاؤلها إزاء آفاق إنشاء سوق اقتصادية إقليمية أو رابطة تجارية إقليمية بين الدول العربية. ثمة تفاؤل كذلك إزاء المشاركة الإقليمية في الموارد، وخفض الهوة بين الأغنياء والفقراء، والعمل على توفير خدمة الإنترنت في العالم العربي.

الواقع ان الاستطلاع (اجرته كل من «مؤسسة زغبي» لاستطلاعات الرأي في نيويورك ومؤسسة «آرتوك» للاستثمار والتنمية في القاهرة) يضع امام المعنيين نتائج على قدر كبير من الأهمية من حيث انها تتيح الفرصة للاطلاع على رؤية وتفكير قطاع مهم وسط المهنيين الذين يعملون في أعلى مستويات الأبحاث المتعلقة بثورة التكنولوجيا العالمية، والذين يتضح من نتائج الاستطلاع انهم يفهمون أهمية ثورة التكنولوجيا ويرون فوائدها ويدركون ان العالم العربي رغم تأخره مقارنة بمناطق أخرى في مجال تطوير تكنولوجيا المعلومات فان دوله تملك الموارد البشرية والإمكانيات اللازمة للتقدم إلى الأمام. وفي هذا الجانب، فان المؤتمر والاستطلاع يعتبران من الأدوات المهمة التي يمكن ان تساعد في توفير المعلومات اللازمة لرسم السياسات واتخاذ الخطوات اللازمة لتطبيقها.

* رئيس المعهد العربي ـ الأميركي في واشنطن