عتاب المغفلين

TT

ليس المقصود في عتاب المغفلين، المغفلين بتشديد الفاء وانما بفتحها، وربما بكسرها ايضا. فهم من اغفلوا او تقصدوا ان يغفلوا ذكر اسمائهم. ولو ان بامكاني ان اشدد الفاء بالنسبة لبعضهم وضميري في تمام الارتياح.

بعث لي صديقنا القديم خزرجي برعي أبشر برسالة ضاعت الصفحة الثانية منها على ما يظهر فأصبحت رسالة مغفلة التوقيع، بما ادى في الاخير الى هذا العتاب منه! «يطيب لي دائما الكتابة لكم. اصبحت علاقتنا كالرحم اخاف ان اقطعها. وبعد فقد ضحكت كثيرا وانا اقرأ تعليقكم على رسالتي بعنوان، الفأر لان الفاكس احيانا (ما بيجيبها على البر) حيث سقطت الصفحة الثانية من المقال والتي حتما كان الاسم مدونا عليها. ليه يا اخي خالد تصفني بالقارئ الفاشل وشمت بي الاعداء، وانا مالي يدي منك، واردد هذا صديقي خالد لعشرة امتدت من عشرة اعوام.

ذكرني موقفك هذا يا اخي خالد باحد الرؤساء العرب السابقين من الطراز الذي تعرفه والذي يتغدى بوجبات اعدام الابرياء ويحشر الآخرين في فنادق الخمسة سموم. كان له برنامج عبر التلفزيون شهريا يسمى اللقاء الشهري. يتلقى فيه رسائل من الشعب فيرد على كل شاردة وواردة فيها عن حكمه المنزه الطاهر الذي لا يأتيه الباطل. وكما نعلم ان عقدة الذنب، تجعل هؤلاء الطغاة يبالغون في اظهار حبهم للشعب. وانهم دعاة الحرية والديمقراطية. فكان في احد هذه اللقاءات يتناول رسالة مواطن عادي ينتقد فيها احد مشاريع التنمية المرتجلة التي يقوم بها امثال هؤلاء والتي كلفت الدولة ملايين الدولارات. وهو عبارة عن مشروع انابيب لنقل المياه الى الداخل بما يسمى بايب لاين. وبعد ان انجز المشروع وتم مد خط انبوب البايب لاين تبين انه لا يوجد هناك ماء لينقله الانبوب. فكتب له ذلك المواطن وقال يجب تسمية هذا المشروع بمشروع البايز لاين وليس بايب لاين.

اغضب ذلك الرئيس وفتش عن اسم الكاتب فلم يجده فقال ردا عليه: انت لو كنت راجل كان تكتب اسمك».

وانت يا خزرجي لو كنت راجل كان ذكرت اسم ذلك الرئيس. وانا لو كن راجل كانت ذكرت اسم الدولة التي ترأسها. ولكن اشارتك الى مشاريع «التنمية» ظريفة، ففي احدى هذه البلدان العربية السعيدة اكتشف الباحثون اصل مفهوم التنمية، عندما وجدوا ان وزير التنمية عندهم كان لا يوقع على اي عقد بدون ان يقبض عمولة عشرة في المائة من الثمن الاجمالي للعقد. ومن هنا جاء اسم «التنمية» في البلاد العربية فهو من تن (Ten) مية.

وهذا ما يدل على حيوية اللغة العربية وقدرتها على اشتقاق الكلمات الجديدة بتطعيم مفرداتها بمفردات مقتبسة من الاوربيين ـ الشيء الوحيد الذي ننجح باقتباسه منهم.