قصي خير شخص عينه صدام

TT

سارع البعض الى السخرية من تعيين (او انتخاب) الابن الثاني للرئيس العراقي، قصي، عضوا في القيادة القطرية لحزب البعث التي تعتبر القيادة العليا برئاسة صدام نفسه، خاصة انه بعد يومين من ترقيته الحزبية جرى تعيينه نائبا لقائد الفرع العسكري فصار قصي بوضوح، لا شك فيه، الشخص الثاني في العراق بعد الرئيس، وفعليا اصبح الحاكم المساعد. والذين تهكموا من تعيين قصي ربما يحتاجون إلى ان يعيدوا وزن كلامهم من جديد، فادخال قصي قد يكون خير ما قرره الرئيس العراقي من تعيينات سياسية حتى اليوم. قصي، وهو من لا نعرف له تجربة في الحقل السياسي، قد يكون الشاب الذي ينقذ والده وينقذ العراق وينقذ بالتالي المنطقة. ولا اقولها من باب التهوين من مشاكل النظام العراقي ولا من قبيل المبالغة في قدرات الابن قصي. فالذين تعاملوا مع القيادة العراقية، لما دون الرئيس نفسه، يعرفون انه لا يوجد من يملك وسيلة للتأثير على صدام، ولهذا ارتكبت القيادة العراقية اخطاء فادحة ما كان ينبغي ان ترتكب لو وجد من يصل الى اذن الرئيس ويثق به. ما كان ممكنا ابدا ان يحدث غزو ايران او الكويت ولا الرفض بعناد لمعظم قرارات مجلس الامن عشر سنوات أضرت العراق سياسيا واقتصاديا. لم يكن سرا ابدا ان البطانة المحيطة بالرئيس، بما فيها اركان الدولة في بغداد، تتجنب مصارحة الرئيس او مخالفة رأيه او نصحه بخلاف ما يؤمن به. هذا الرعب المستمر جعل صدام رئيسا بلا مستشارين صادقين، رغم ان اكثرهم يملك تجربة محلية ودولية كبيرة مثل طارق عزيز. ولأنه لا يوجد زعيم يولد عالما، تصبح قوة اي قائد كامنة في المحيطين به، وهذه كانت نقطة ضعف صدام الدائمة التي انكشفت مرات ومرات. واتذكر ان السفير السعودي الامير بندر بن سلطان طار مرة لمقابلة الرئيس العراقي ابان الحرب العراقية ـ الايرانية، بناء على طلب من الملك فهد في محاولة اقناع صدام. وقد حاول السفير في البداية تكليف احد كبار مساعدي الرئيس العراقي بافهام الرئيس وجهة النظر تلك فرفض بدعوى انه لا يستطيع ولا يجرؤ، وان من الاسلم ان يقوم بذلك الوسيط السعودي.

لهذا فان الرئيس جرب ابنه قصي، واختاره الى جانبه خلافا للعرف العربي، رغم انه ليس الأكبر، واهم من ذلك لا بد انه يثق به. ونعتقد ان ذلك قد يكون المفتاح لسياسة عراقية تخرج من دائرة المشاكل التي عاشتها وعاشها العراقيون عشرين عاما. وبدلا من ان نعتبرها زلة من صدام عندما عين ابنه علينا ان نتفاءل ونقول انها الخطوة الصحيحة في حق الشعب العراقي والمنطقة العربية وصدام نفسه.