الخطر الداهم من الأعلى

TT

في خضم الاخبار والمشاكل التي يعاني منها العالم سواء في مقدونيا والبلقان، أو في الشرق الاوسط، وصولا الى آسيا التي تحولت اليوم الى منطقة توتر كبيرة في نظر الادارة الاميركية، غاب عن العالم ان ثمة اخطارا اخرى قد تكون بانتظاره ابعد من مدى الارض، ربما مصدرها الفضاء الخارجي. هذا التهديد ليس مصدره الخيال العلمي، أو ضربا من التسلية الرخيصة لالهاء الناس، بل امر كبير الاحتمال، على حد قول مجموعة من العلماء البارزين الذين ينتمون الى جامعات ومؤسسات اكثر شهرة منهم.

فقد طالب هؤلاء في تقرير رفعوه اخيرا الى الادارة الاميركية بالعمل على اصدار بروتوكول عالمي للتعامل مع اي نيزك شارد أو كويكب صغير قد يضرب الارض، كما حصل قبل 65 مليون سنة، وكانت نتيجته ان انقرضت الديناصورات من وجه الارض الى الابد. إذ لا يرغب هؤلاء ان تتكرر العملية ذاتها مع البشر بعدما تبين ان مثل هذا الاحتمال وارد جدا في المستقبل القريب بعد الدراسات المستفيضة التي اجروها، والتي لا تحمل أي شك نظرا الى ثقلها الكبير على الصعيد العلمي.

لقد جاء هذا النداء بعدما تأكد هؤلاء من مجموعة من الكويكبات والنيازك التي تحوم حول الشمس على مقربة كبيرة من كوكب الارض، أي على رمية حجر منه، وفقا للمقاييس الفضائية الشاسعة.

وكانت تحذيرات عديدة قد صدرت فعلا في السنوات الاخيرة حول ذلك، ومن المتوقع صدور تحذيرات اخرى ايضا في المستقبل القريب. ويقول دانيال ديوردا الباحث الفضائي في معهد ساوثويست الشهير في ولاية كولورادو الاميركية «ان مثل هذا الخطر يخصنا كلنا، وليس البعض منا، لانه يهددنا جميعا». ويترأس هذا العالم حاليا مجموعة من العلماء التي طالبت بتقرير مؤلف من 19 صفحة برسم سياسة عملية مستقبلية للتعامل مع مثل هذه الاخطار المحدقة بنا، وليس الاكتفاء بدق ناقوس الخطر فقط. وللدلالة على اهمية الخطر تسعى وكالة الفضاء الاميركية (ناسا) الى تصنيف نحو 90% من جميع الاجسام الدائرة قرب الارض، التي يراوح طولها بين كيلومتر واحد وعدة كيلومترات. وبين الحين والاخر تندفع هذه الى الشمس، إما بفعل جاذبية هذه الاخيرة الكبيرة، وإما بفعل اصطدامها ـ اي هذه الاجسام ـ واحتكاكها في ما بينها قاطعة مجال الارض. لكن البحث هذا لم يسفر الا عن تحديد موقع نصف العدد المتوقع، وهو 1100 جسم، فأين موقع النصف الاخر؟

علماء معهد ماساتشوستس للتقنية (إم. اي. تي) الشهير يقترحون، انه في حال اقتراب احدها من الارض، محاولة اعتراضها على مسافة بعيدة وربط محرك صاروخي بها لإبعادها عن الارض، أو تفكيكها بالقنابل النووية. لكن امكانية تنفيذ ذلك تقنيا، والكلفة المالية التي تنطوي عليها ما زالتا في علم الغيب. ثم انه في حال حصول اي فشل فإن جسما لا يتعدى قطره الكيلومتر الواحد كاف لتوليد انفجار يعادل 10 ملايين قنبلة هيروشيما الذرية.

من هنا على دول العالم وشعوبه تناسي مشاكلهم الصغيرة والترفع عنها، واعطاء كل ذي حق حقه، من الشعب الفلسطيني الى الشعبين الايرلندي والباسك، مرورا بكل شعوب العالم، وبالتالي الاتحاد سوية لمجابهة هذه الكارثة التي يبلغ احتمال وقوعها نسبة واحد الى 500، إن لم تكن أكثر بكثير.